للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان جماعة من متقدمي أصحابنا إذا رأوا مسألة فيها حديث ومذهب الشافعي خلافه، عملوا بالحديث وأفتوا به قائلين: "مذهب الشافعي ما وافق الحديث" (١).

وفي شرح الهداية لابن الشِّحنة (٢) -من كبار الحنفية-: "إذا صح الحديث وكان على خلاف المذهب عمل بالحديث، ويكون ذلك مذهبه ولا يخرج مقلده عن كونه حنفيًّا بالعمل به، فقد صح عنه أنه قال: إذا صح الحديث فهو مذهبي. وقد حكى ذلك ابن عبد البر عن أبي حنيفة وغيره من الأئمة" (٣).

وقال الإمام السندي -رحمه الله- (٤) -من كبار الحنفية- في حواشيه على "فتح القدير": "الحديث حجة في نفسه، واحتمال النسخ لا يضر، فإن من سمع الحديث الصحيح فعمل به وهو منسوخ، فهو معذور إلى أن يبلغه الناسخ، ولا يقال لمن سمع الحديث الصحيح لا يعمل به حتى يعرضه على رأي فلان وفلان، فإنما يُقال له: انظر هل هو منسوخ أم لا؟ أما إذا كان الحديث قد اختلف في نسخه فالعامل به في غاية العذر، فإن تَطرُّقَ الاحتمال إلى خطأ المفتي أقوى من الاحتمال إلى نسخ ما سمعه من الحديث.

وقال ابن عبد البر -رحمه الله-: "يجب على كل من بلغه شيء أن يستعمله على عمومه حتى


(١) المجموع، للنووي، (١/ ٦٣ - ٦٤).
(٢) أبو الفضل، محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمود بن الشهاب غازي بن أيوب ابن حسام الدين محمود شحنة حلب المحب الحلبي، الحنفي، له مصنفات منها: اختصار النشر، وشرح الهداية، وشرح العقائد، توفي سنة ٨٩٠ هـ. شذرات الذهب، لابن العماد، (٩/ ٥٢٤)، البدر الطالع، للشوكاني، (٢/ ٢٦٣).
(٣) حاشية ابن عابدين، (١/ ١٦٧).
(٤) أبو الحسن، نور الدين، محمد بن عبد الهادي، السندي، الحنفي، فقيه حنفي، عالم بالحديث والتفسير، والعربية، من تصانيفه: حاشية على الأذكار للنووي، حاشية على أنوار التنزيل للبيضاوي، حاشية على شرح جمع الجوامع، توفي بالمدينة سنة ١١٣٨ هـ. الأعلام، للزركلي، (٦/ ٢٥٣)، معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة، (١٠/ ٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>