للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثر له في جلب التخفيف أو التيسير، ومن ذلك مشقة الصيام في الحر أو الوضوء في البرد، أو مشقة السعي إلى المسجد في الليل أو مشقة القتل في الجهاد.

قال المقَّري: قاعدة: الحرج اللازم للفعل لا يسقطه كالتعرض إلى القتل في الجهاد؛ لأنه قدر معه (١).

كما يطلب في المشقة أن تكون حقيقية واقعة فعلًا لا متوهمة ولا مظنونة، وذلك بأن تستند إلى ما رخص الشارع لأجله من أسباب كالسفر والمرض والجنون والصغر وغير ذلك.

ويشترط في المشقة أن تكون خارجة عن معتاد المشقات في التكاليف العادية، وأن يكون لها شاهد من جنسها في أحكام الشارع؛ فالمستحاضة أبيح لها الصلاة بشرط الوضوء عند كل صلاة، فكذا من به سلس بول لا ينقطع أو جرح لا يرقأ فإنه يأخذ حكم الرخصة التي للمستحاضة من حيث كون الحدث لا ينقطع (٢).

كما يشترط ألا يؤدي بناء الحكم عليها إلى تفويت مصلحة أرجى وأرجح، وإلا لأدى ذلك إلى تفويت مصالح أكثر أو أكبر.

والمشقة التي ورد فيها دليل من الشارع يتبع فيها دليله، سواء كان ذلك بتعيين سببها (كالسفر)، أو بضبط السبب الذي تتحقق به المشقة نفسه (كمسافة القصر)، وما لم يرد بشأنه دليل أو ضابط من الشرع فهي إما أن تكون في العبادات أو في المعاملات، فإن كانت في العبادات مرتبطة بها فلا أثر لها في التخفيف، وما كان منفكًّا عنها أو متعلقًا بالمعاملات، فالمتبَع في ضبطها عرف الناس وعادتهم الجارية ما لم تخرج عن إطار الشرع.

فإن لم يكن هنا عرف محدد اعتبرت بأقرب المشاق إليها؛ لأن: "ما لا يحد ضابطه لا


(١) قواعد المقري، (١/ ٣٢٦).
(٢) قاعدة المشقة تجلب التيسير، د. يعقوب الباحسين، (ص ٣٦ - ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>