للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشقة، أو ينشئه الحرج (١).

وقد يكون الدليل الدال على استثناء الجزئية وتغير حكمها للمشقة الطارئة هو النص، أو الإجماع، أو الضرورة أو القياس الخفي، فينقسم الاستحسان إلى أنواع أربعة بناء على ذلك، كما هو مذهب الحنفية (٢).

وقد يرى غيرهم أن العرف وعمل أهل المدينة، والمصلحة، ومراعاة الخلاف، ورفع المشقة أنواع أخرى للاستحسان، كما هو عند المالكية (٣).

والأنواع بجملتها -كما قدمنا- تعود إلى نفي المشقة ورفع الحرج.

وبتتبع الاستحسانات التي قال بها الحنفية في فقههم نخلص إلى نتيجة إجمالية، وهي: أنه ما من حكم قيل به استحسانًا إلا وهو أخف من الحكم المتروك، وفيما يأتي من أمثلة البرهنة على صحة هذه النتيجة:

١ - لو أمر حاكم بقطع يد السارق اليمنى فأخطأ المنفذ فقطع اليسرى، فإن على المنفذ الضمان في القياس الظاهر؛ لأن اليسرى معصومة، فتكون عند إتلافها مضمونة، وقد عدل عن هذا استحسانًا لقياس خفي، وهو: أنه لا شيء على المنفذ؛ لأنه أتلف وأخلف من جنسه ما هو خير منه، فلا يعد إتلافًا، وصار كما لو شهد اثنان على رجل ببيع عبد بألفين، وقيمته ألف، أو شهدا بمثل قيمته، ثم رجعا بعد القضاء لا يضمنان شيئًا (٤).

ولو أن حكم القياس الظاهر جرى هنا لأدى إلى مشقة وحرج، فعدل عن حكمه إلى ما يحقق التيسير.


(١) الإحكام، للآمدي، (٤/ ١٦٤)، قاعدة المشقة تجلب التيسير، للباحسين، (ص ٣١٨).
(٢) التوضيح، لصدر الشريعة، (٢/ ١٧).
(٣) الموافقات، للشاطبي، (٤/ ٢٠٨)، المحصول في أصول الفقه، للقاضي أبي بكر ابن العربي المالكي، تحقيق: حسين علي البدري، دار البيارق، الأردن، ط ١، ١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م، (ص ١٣١).
(٤) شرح فتح القدير، لابن الهمام، (٥/ ٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>