للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأولى عندي أنه يلزمه اتباع الأفضل" (١).

وقال القرافي -رحمه الله-: "فإن اختلف عليه العلماء في الفتوى، فقال قوم: يجب عليه الاجتهاد في أعلمهم وأورعهم؛ لتمكنه من ذلك.

وقال قوم: لا يجب ذلك؛ لأن الكل طرق إلى الله تعالى، ولم ينكر أحد على العوام في عصرٍ تركَ النظر في أحوال العلماء.

وإذا فرَّعنا على الأول فإن حصل ظن الاستواء مطلقًا فأمكن أن يقال: ذلك متعذر، كما قيل في الأمارات، وأمكن أن يقال: يسقط عنه التكليف، ويفعل ما يشاء.

وإن حصل ظن الرجحان مطلقًا تعين العمل بالراجح.

وإن حصل من وجه: فإن كان في العلم والاستواء في الدين، فمنهم من خيَّر، ومنهم من أوجب الأخذ بقول الأعلم.

قال الإمام: وهو الأقرب؛ ولذلك قدم في إمامة الصلاة.

وإن كان في الدين والاستواء في العلم فيتعين الأدين، فإن رجح أحدهما في دينه والآخر في علمه، فقيل: يتعين الأدين، وقيل: الأعلم، قال: وهو الأرجح كما مرَّ" (٢).

وأيًّا ما كان الأرجح في هذا الأمر فإن الشاهد من إيراد هذه المسألة بتفاصيلها هو بيان أن التسهيل والتيسير والتخفيف مطلقًا كان سببًا في ذهاب بعض العلماء المعتبرين إلى الترجيح بالأخف.

[القاعدة الرابعة: عموم البلوى]

[معنى القاعدة]

العموم -لغةً-: هو مصدر عمَّ يَعُمُّ، بمعنى الكثرة والشمول، ومنه سميت العامة لكثرتهم


(١) المستصفى، للغزالي، (ص ٣٧٣ - ٣٧٤).
(٢) الذخيرة، للقرافي، (١/ ١٤٧ - ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>