للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمومهم، ولأن العامة تُعَمُّ بالشر: أي: يشملها، ويقال: عم المطر البلاد، أي: شملها، وعم الشيء بالناس، أي: بلغ المواضع كلها، كما أنها تعني العلو، وتعني كذلك السفول (١).

وأما البلوى -لغةً-: فهي الاختبار، يقال: بلوت الرجل وابتليته، أي: اختبرته وامتحنته، ويكون بالخير وبالشر، قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: ٣٥]، أي: نختبركم بالشدة والرخاء، والحلال والحرام.

كما تعني: البِلَى والإخلاق، يقال: بَلِيَ الميت، أي: أفنته الأرض، ويَلِيَ الثوب، أي: صار خَلِقًا (٢).

وعلى هذا فيكون معنى (عموم البلوى) في اللغة من حيث التركيب الإضافي هو: شمول الاختبار.

فإن أردنا أن نطبق هذا المعنى اللغوي على الحقائق الشرعية أمكن أن نقول: إن عموم البلوى يعني: "شمول التكليف بما فيه مشقة"، وذلك على أساس أن الاختبار والابتلاء يتحقق في الشرع بالتكليف الذي فيه شدة، قال تعالى: {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} [محمد: ٤].

أما عموم البلوى في الاصطلاح الشرعي العام فهو:

شمول وقوع الحادثة مع تعلق التكليف بها، بحيث يعسر احتراز منها أو استغناء المكلف عن العمل بها إلا بمشقة زائدة تقتضي التيسير والتخفيف، أو يحتاج إلى معرفة حكمها؛ مما يقتضي كثرة السؤال عنها واشتهارها (٣).


(١) لسان العرب، لابن منظور، (٩/ ٤٠٦)، المصباح المنير، للفيومي، (٢/ ٤٣٠)، كتاب العين، للخليل، (١/ ٩٤)، معجم مقاييس اللغة، لابن فارس، (٤/ ١٥ - ١٨).
(٢) لسان العرب، لابن منظور، (١/ ٤٩٧)، (٤/ ٢٩٩)، المصباح المنير، للفيومي، (١/ ٦٢) القاموس المحيط، للفيروزآبادي.
(٣) عموم البلوى دراسة نظرية تطبيقية، مسلم بن محمد الدوسري، مكتبة الرشد، الرياض، (ص ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>