للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينقله الذباب من العذرة وغير ذلك (١).

الثاني: كثرة الشيء وشيوعه وانتشاره وامتداد زمنه.

فإن الشيء إذا شاع وانتشر وعمَّ شقَّ الاحتراز عنه وعمَّ البلاء به، وتحققت الحاجة معه وَوُجِدَ من المشقة ما يتطلب تيسيرًا، ومن الحرج ما يرفع شرعًا.

[أسباب عموم البلوى، وأمثلة على كل سبب]

السبب الأول: تضمن الفعل الذي ارتبط به المكلف أمرًا يشق الاحتراز عنه.

ومثاله: إذا دخل إلى حلق الصائم ذباب، أو بعوض، أو غبار طريق، أو غربلة دقيق؛ فإنه لا يفطر؛ لمشقة الاحتراز عنه (٢).

السبب الثاني: تعدد وقوع الشيء، وتكراره بحيث يعسر الاستغناء عنه.

ومثاله: أن مس المصحف من الصبيان للتعلم والاستظهار، مما يتكرر وقوعه، ولا يمكن الاستغناء عنه، فلو كلف الأولياء أمر الصبيان بالوضوء لشقَّ ذلك عليهم، فأبيح لهم ترك الوضوء (٣).

السبب الثالث: شيوع الشيء وانتشاره ووقوعه عامًّا للمكلفين، أو لكثير منهم في عموم أحوالهم، أو في حال واحدة بحيث يلزم عسر الاستغناء عن العمل به.

ومثاله: أن أعمال الطاعات كتعليم القرآن والأذان والإمامة منتشرة، ومع أن الأصل فيها أن تفعل بدون أجرة إلا أن الشرع أجاز دفع الأجرة على القيام بها؛ لأنه لو كُلِّفَ الناس بها دون أجرة لشقَّ ذلك عليهم، وربما أدَّى إلى ضياع الأعمال (٤).

السبب الرابع: امتداد زمن الشيء، بحيث يلزم من التكليف معه عسر احتراز عنه:


(١) حاشية ابن عابدين، (١/ ٥٣٠)، نظرية الضرورة، للزحيلي، (ص ١١٥).
(٢) حاشية ابن عابدين، (٣/ ٣٦٦).
(٣) الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ٧٨)، الأشباه والنظائر، لابن نجيم، (ص ٨٥).
(٤) المغني، لابن قدامة، (٨/ ١٣٦ - ١٣٩)، شرح القواعد الفقهية، للزرقا، (ص ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>