للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا: المعقول: وذلك من وجوه:

١ - الكافر حالَ كفره كان منكرًا للوجوب والتحريم فكان الفعل والترك داخلاً في ضمن هذا الاعتقاد الباطل وفرعًا له، فلما تاب من هذا الاعتقاد وموجبه، غفر الله له الأصل وفروعه، فدخلت هذه الفروع فيه حالَ المغفرة، كما دخلت فيه حالَ المعصية.

٢ - لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ أحدًا ممن أسلم بضمان دم، ولا مال، ولا بشيء من هذه الأشياء.

٣ - فيما يتعلق بالذمي أو الحربي فإنه كان يؤدي ما عليه من عبادات دينه الذي كان يعتقد صحته، وأُقِرَّ عليه باستئمان أو جزية، فلا وجه لعقوبته أو مطالبته.

٤ - يُقصد بمخاطبة الكفار بالعبادات -عند من يقول بتكليفهم بفروع الشريعة- زيادة عقوبته في الآخرة بتركها، ولا يُقصد به مطالبته بأدائها في الدنيا؛ لأن العبادات لا تصح من الكفار لافتقارها للنية، والنية لا تصح من كافر، فلما لم تجب عليه في أحكام الدنيا، لم يلزمه قضاؤها إذا أسلم (١).

٥ - الشارع الحكيم متطلع إلى الترغيب في الإسلام، وإسقاط التكاليف يناسب هذا المعنى (٢).

بل "إذا فعل الكافر الأصلي قربة لا تشترط النية لصحتها، كالصدقة، والضيافة، وصلة الرحم، والإعتاق، والقرض، والعارية، والمنحة، وأشباه ذلك:

فإن مات على كفره، فلا ثواب له عليها في الآخرة، لكن يطعم بها في الدنيا، ويوسع في رزقه وعيشه.

وإن أسلم فالصواب المختار أنه يثاب عليها في الآخرة؛ للحديث الصحيح أن

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أسلم العبد فحسن إسلامه كتب الله له كل حسنة كان


(١) المجموع، للنووي، (٦/ ٢٥٢)، كشاف القناع، للبهوتي، (١/ ٢٢٣)، المبدع، لابن مفلح، (٣/ ٨٥).
(٢) مغني المحتاج، للخطيب الشربيني، (١/ ١٣٠)، كشاف القناع، للبهوتي، (١/ ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>