للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبناءً على هذا الضابط فإنه لا يحل الاقتراض بالربا من أجل أن يبني الإنسان بيتًا متى كان قادرًا على أن يستأجر، أو كان مالكًا لبيت، ولو متواضعًا، ولا شراء سيارة بالربا؛ ليعمل عليها، ولديه عمل مباح يكفيه، ولا فتح مكتب هندسي، أو محاماة، أو عيادة طبية، أو تمويل أو توسيع محلٍّ تجاري، أو صناعي، أو زراعي. . . ونحو ذلك (١).

كما أنه لا يجوز العدول إلى علاج محرم، إلا بعد أن لا يجد المسلم علاجًا مباحًا يحقق المطلوب.

وكذا لا يحل له العدول إلى تأمين تجاري محرم، إلا بعد أن يفقد التأمين التعاوني التكافلي المشروع.

وكذا لا يجوز له العدول إلى طعام محرم، أو دَخْل محرم، إلا بعد أن يفقد الحلال الطيب، فيستغني مثلًا عن الأطعمة التي تحتوي الجيلاتين المحرم بالجيلاتين المباح، وفي ذلك صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة، ونصه: "لا يحل لمسلم استعمال الخمائر والجيلاتين المأخوذة من الخنازير في الأغذية، وفي الخمائر والجيلاتين المتخذة من النباتات أو الحيوانات المذكاة شرعًا غُنية عن ذلك" (٢).

[الضابط الثالث: الاقتصار في ارتكاب المحظور على أدنى قدر لرفع الضرورة]

وهذا الضابط يتعلق بمقدار ما ينتهك من المحرم المحظور، فيكون ما يباح أو ما يرخص فيه من المحظور مقيدًا بدفع الضرورة، ورفع الاضطرار من غير توسع، أو استرسال؛ وذلك لأن إباحة المحظور إنما جاز لحال الضرورة، فلا يجوز ما زاد عليها، ويبقى المحظور فيما زاد على أصله، وهو الحظر والمنع.

فمن ذلك: أن المضطر لا يأكل من الميتة إلا قدر ما يسدُّ رمقه، ويُبقي على مهجته، ومن اضطر


(١) فقه الموازنات والترجيح، د. وهبة الزحيلي، ضمن بحوث المؤتمر الرابع لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، (٢/ ١٩٢).
(٢) قرار رقم (٢٣)، الدورة الثالثة، صفر، ١٤٠٧ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>