للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنه تجدر العناية باختيار أهل الاستقامة والتدين من أولئك المبتعثين مع تحصينهم بما يحتاجون إليه، وتوعيتهم بما سيواجهون من إشكالات وتحديات، وإذا قضوا مدة من السنوات هناك فَلْتُقْضَ في كنف المراكز الإسلامية، حتى إذا انتهت أغراضهم العلمية، وقضوا مهمتهم عجَّلوا بعودتهم إلى بلادهم، من غير أن يطيلوا البقاء من غير حاجة معتبرة.

[الضابط الخامس: ألا يترتب على ارتكاب المحظور وقوع مثله أو أكبر]

فينبغي أن يكون الضرر في المحظور الذي يحل الإقدام عليه أقلَّ من حالة الضرورة؛ إذ الضرر لا يزال بضرر مماثل له، ولا بضرر أكبر منه، وإنما يزال بضرر أدنى منه، وفي هذا نظر واعتبار للمآلات.

وهذا الضابط يتعلق بتعارض المفاسد، فبقاء المفسدة حال الاضطرار يعارض ارتكاب المحظور، فأيهما كان أكبر دُفع بالأصغر، وأيهما كان أعم دفع بالأخص، وأيهما كان أعلى دفع بالأدون.

وهذه كلية الشريعة العظمى وقاعدتها الكبرى، وعليها تدور السياسة الشرعية.

قال ابن رجب -رحمه الله-: "إذا اجتمع للمضطر محرَّمان كل منهما لا يباح بدون الضرورة وجب تقديم أخفهما مفسدة، وأقلهما ضررًا؛ لأن الزيادة لا ضرورة إليها فلا تباح" (١).

وبناءً على ما تقدم فإن قاعدة: "الضرورات تبيح المحظورات" قد قيدت بقيدٍ مهم، وهو: "بشرط عدم نقصانها عنها" (٢).


(١) تقرير القواعد وتحرير الفوائد، لأبي الفرج عبد الرحمن بن رجب الحنبلي، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ط ١، ١٣٩١ هـ - ١٩٧١ م، (ص ٢٦٥).
(٢) الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ٨٤)، الأشباه والنظائر، لابن نجيم، (ص ٩٤)، شرح القواعد الفقهية، للزرقا، (ص ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>