للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك في الضرر الراجع إلى الجنس على ما ينال الآحاد بالنسبة إلى الجنس" (١).

وأكد هذا المعنى الغزالي بعبارة أخرى، فقال: "والحاجة العامة في حق كافة الخلق تنزل منزلة الضرورة الخاصة في حق الشخص الواحد" (٢).

وقال ابن العربي: "القاعدة السابعة: اعتبار الحاجة في تجويز الممنوع كاعتبار الضرورة في تحليل المحرم" (٣).

ومن الأمثلة على الحاجة العامة: "مشروعية الإجارة، والجعالة، والحوالة، ونحوها، جُوِّزت على خلاف القياس؛ لما في الأولى من ورود العقد على منافعَ معدومةٍ، وفي الثانية من الجهالة، وفي الثالثة من بيع الدين بالدين، لعموم الحاجة إلى ذلك، والحاجة إذا عمت كانت كالضرورة" (٤).

ثانيًا: حاجة خاصة: وهي ما قابلت الحاجة العامة، أي: ما كانت مختصة بفرد معين، أو طائفة محصورة، أو بلد معين، أو زمن معين، وأما الشخص المحتاج إلى أمر معين في جميع الظروف والأحوال والأزمنة والأمكنة فيمكن أن تُعَدَّ حاجته حاجةً عامةً لا خاصةً (٥)، وحكمها مؤقت، وتعتبر توسيعًا لمعنى الضرورة (٦).

ومن أمثلتها: تضبيب الإناء بالفضة؛ لإصلاح موضع الكسر، ولبس الحرير لحاجة الجرب والحكة ودفع القمل، والأكل من الغنيمة في دار الحرب، ولا يشترط للآكل أن يكون معه غيره (٧).

والمقصود بالقاعدة أن الحاجة قد تنزل منزلة الضرورة في كونها تبيح المحظور.


(١) البرهان، للجويني، (٢/ ٩٢٤).
(٢) شفاء الغليل، للغزالي، (ص ٢٤٦).
(٣) القبس في شرح موطأ مالك بن أنس، لأبي بكر محمد بن ولد كريم، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط ١، ١٩٩٢ م، (٢/ ٧٩٠).
(٤) الأشباه والنظائز، للسيوطي، (ص ٨٨).
(٥) قاعدة المشقة تجلب التيسير، د. يعقوب الباحسين، (ص ٥٠٦).
(٦) صناعة الفتوى، لابن بيه، (ص ٢٠٠).
(٧) الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ٨٨)، المنثور في القواعد، للزركشي، (٢/ ٢٥ - ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>