للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكثر العلماء رأوا أن المصالح الحاجية لا يترتب عليها حكم (١).

قال الطوفي (٢): "لا يجوز للمجتهد أنه كلما لاح له مصلحة تحسينية أو حاجية اعتبرها ورتب عليها الأحكام حتى يجد لاعتبارها شاهدًا من جنسها" (٣).

وقال ابن قدامة: "فهذان الضربان (يعني: ما يقع في الحاجيات والتحسينيات) لا نعلم خلافًا في أنه لا يجوز التمسك بهما من غير أصل، فإنه لو جاز ذلك كان وضعًا للشرع بالرأي، ولما احتجنا إلى بعثة الرسل" (٤).

وذلك "لأن الحنيفية السمحة إنما أتى فيها السماح مقيدًا بما هو جارٍ على أصولها، وليس تتبع الرخص، ولا اختيار الأقوال بالتشهي بثابت من أصولها" (٥).

فالترخص بارتكاب الحرام القطعي وإباحته لا بد فيه من أعلى الرتب التي تبيح المخالفة للنص، وتحقق الاستثناء منه.

قال القرافي: "الفرق الحادي والثلاثون والمائة: بين قاعدة الانتقال من الحرمة إلى الإباحة، ويشترط فيها أعلى الرتب، وبين قاعدة الانتقال من الإباحة إلى الحرمة يكفي لها أيسر الأسباب" (٦).

فالحاجة ليست من أعلى الرتب، بخلاف الضرورة التي تبيح ارتكاب النهي الذي


(١) صناعة الفتوى وفقه الأقليات، لابن بيه، (ص ٢٠٥).
(٢) أبو الربيع، نجم الدين، سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم بن سعيد، الصرصري ثم البغدادي الفقيه الأصولي، الطوفي الحنبلي المشارك في كثير من العلوم، من تصانيفه: الإكسير في قواعد التفسير، وشرح أربعين النووي، ومقدمة في علم الفرائض، ومختصر الروضة وشرحه، ولد سنة بضع وسبعين وسبعمائة من الهجرة، وتوفي سنة ٧١٦ هـ. الذيل على طبقات الحنابلة، لعبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي، تحقيق: د. عبد الرحمن ابن سليمان العثيمين، مكتبة العبيكان، ط ١، ١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٥ م، (٤/ ٤٠٤)، المقصد الأرشد، لابن مفلح، (١/ ٤٢٥).
(٣) شرح مختصر الروضة، للطوفي، (٣/ ٢٠٧).
(٤) روضة الناظر، لابن قدامة، (ص ١٧٠).
(٥) الموافقات، للشاطبي، (٤/ ١٤٥).
(٦) الفروق، للقرافي، (٣/ ٨١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>