للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك بأن يعم البلاء بهذه الحاجة ويكثر، أو يجري عليها تعامل، أو يكون لها نظير في الشرع يمكن إلحاقها به، واشترط أيضًا أن تكون الحاجة مؤقتة غير دائمة؛ ذلك أن الحاجة منها ما يلتحق بالضرورة في كونها تقدر بقدرها، مثل: خروج المعتكف من المسجد لحاجته، ونظر الطبيب إلى عورة المريض إذا دعت حاجة إلى ذلك (١).

ولأجل هذا المعنى قسَّم بعضُ العلماء الحاجةَ إلى عادية: لا تبيح ارتكاب المحظور الشرعي، وضرورية وهي التي تنزل منزلة الضرورة في إباحة ارتكاب النهي (٢).

ومن ثَمَّ قُسِّمت الحاجة الضرورية إلى نوعين: مؤقتة، ودائمة.

فالدائمة هي الحاجة العامة للمحتاج وغيره، مثل: إباحة السَّلَم، والإجارة، فهذا النوع لا يُقدَّر بقدره، وهذا ما قد يسميه بعض العلماء بالمعدول به عن القياس، أو المخالف للقياس، وليس ثمة إباحةٌ لمنهيٍّ أو ارتكابٌ للنهي.

وأما الحاجة المؤقتة فهي المقيدة بسبب خاص، وتعلقت بمحتاج دون غيره، كاطلاع الطبيب على عورة مريض، أو مداواة الرجل للنساء والعكس، وخروج المعتكف لحاجة، فهذا النوع ينزل منزلة الضرورة، وعليه فلا تزيد هذه الحاجة عن أن تكون توسيعًا لمعنى الضرورة الفقهية المبيحة للمحظور.

وتلخيصاً لما تقدم يمكن أن يقال: إن الضرورة والحاجة لها معنيان: أصولي، وفقهي، على النحو التالي:

فالضرورة في معناها الأصولي: كلي ينتظم الأحكام التي بها قوام الأديان والأبدان.

والضرورة في معناها الفقهي: شدة وضيق في المرتبة القصوى تبيح المحرم.

والحاجة في معناها الأصولي: كلي أَورث عدمُ اعتباره مشقةً وحرجًا للعامة، وأدَّى


(١) حقيقة الضرورة الشرعية، د. الجيزاني، (ص ٥١ - ٥٢).
(٢) الحاجة الشرعية حدودها وقواعدها، لأحمد كافي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤٢٤ هـ، (ص ٥١ - ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>