للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممن أباح ذلك: شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، حيث قال: "والنجاشي ما كان يمكنه أن يحكم بحكم القرآن؛ فإن قومه لا يقرونه على ذلك، وكثيرًا ما يتولى الرجل بين المسلمين والتتار قاضيًا، بل وإمامًا، وفي نفسه أمور من العدل يريد أن يعمل بها فلا يمكنه ذلك، بل هناك من يمنعه ذلك، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وعمر بن عبد العزيز عودي وأوذي على بعض ما أقامه من العدل، وقيل: إنه سُمَّ على ذلك. فالنجاشي وأمثاله سعداء في الجنة، وإن كانوا لم يلتزموا من شرائع الإسلام ما لا يقدرون على التزامه، بل كانوا يحكمون بالأحكام التي يمكنهم الحكم بها" (١).

وقال القرطبي -رحمه الله-: "قال بعض أهل العلم: في هذه الآية ما يبيح للرجل الفاضل أن يعمل للرجل الفاجر، والسلطان الكافر، بشرط أن يعلم أنّه يفوض إليه في فعل لا يعارضه فيه، فيصلح منه ما شاء؛ وأما إذا كان عمله بحسب اختيار الفاجر وشهواته وفجوره، فلا يجوز ذلك. وقال قوم: إن هذا كان ليوسف خاصة، وهذا اليوم غير جائز؛ والأول أولى إذا كان على الشرط الذي ذكرناه. والله أعلم. قال الماوردي: فإن كان المولي ظالمًا فقد اختلف الناس في جواز الولاية من قبله على قولين؛ أحدهما: جوازها إذا عمل بالحق فيما تقلده؛ لأن يوسف ولي من قبل فرعون، ولأن الاعتبار في حقه بفعله، لا بفعل غيره" (٢).


(١) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (١٩/ ٢١٩ - ٢٢٠).
(٢) تفسير القرطبي، (٩/ ٢١٥)، قرارات وتوصيات المؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، باختصار، (ص ٢٠ - ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>