للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنه لا يكلِّفُ نفسًا إلا وُسعها، وهذه رخصة عظيمة في كثير من الأحكام". (١)

٢ - النهي يقدم لشدة الطلب فيه، ولاقتضائه الدوام، بخلاف الأمر الذي لا يفيد التكرار فإن النهي يفيده. (٢)

واستدل القائلون بتقديم الأمر مطلقًا بمجموعات من الأدلة:

قال ابن القيم: "فإن تَرْكَ الأمر أعظمُ من ارتكاب النهي في أكثر من ثلاثين وجهًا، ذكرها شيخنا -يعني: ابن تيمية -رحمه الله-- في بعض تصانيفه". (٣)

وذكر ابن القيم -رحمه الله- ثلاثة وعشرين وجهًا تدل على أن تَرْكَ الأمر أعظمُ من ارتكاب النهي. (٤) ومن ذلك:

١ - أن الطاعة والمعصية إنما تتعلقان بالأمر أصلًا وبالنهي تبعًا، فالمطيع ممتثل المأمور، والعاصي تارك المأمور، قال تعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ} [التحريم: ٦].

٢ - أن فعل المأمورات أحبُّ عند الله من ترك المنهيات، ومما يدل على ذلك: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: ٤]، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ١٣٤].

وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سئل: أي الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها. . . " (٥) ونحو ذلك.

وأما في جانب المنهيات فأكثر ما جاء لنفي المحبة، كقوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ


(١) التعيين في شرح الأربعين، للطوفي، (١١٢ - ١١١).
(٢) الإحكام، للآمدي، (٤/ ٢٥٩).
(٣) إعلام الموقعين، لابن القيم، (٢/ ١٢١).
(٤) الفوائد، لابن القيم، (ص ١١٩).
(٥) أخرجه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب: فضل الصلاة لوقتها، (٥٢٧)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (٨٥) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>