للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يدلُّ على كون الاعتناء بالنهي أشدَّ من الاعتناء بالأمر. (١)

وذهب الآمدي ومن معه إلى تأييد مذهبهم بأدلة كلامية، منها:

١ - أن مدلول المبيح متحد ومحدد، ومدلول الأمر متعدد؛ لأنه يشمل الوجوب والندب والإباحة، فكان المبيح أولى.

٢ - المبيح يمكن العمل بمقتضاه على تقديريه: على تقدير مساواته للأمر، ورجحانه، والعمل بمقتضى الأمر متوقف على الترجيح، وما يتم العمل به على تقديريه، يكون أولى مما لا يتم العمل به إلا على تقدير واحد.

٣ - غاية ما يلزم من العمل بالمبيح تأويل الآخر بصرفه عن محمله الظاهر إلى المحمل البعيد، والعمل بالأمر يلزم منه تعطيل المبيح بالكلية، والتأويل أولى من التعطيل (٢).

وقد رُدَّ على تلك الوجوه بردود كثيرة، منها:

١ - أن الإباحة كثيرًا ما تَرِدُ عليها القيودُ التي تحيلها إلى الوجوب، أو الكراهة، أو التحريم، أو الندب، وهذا مما لا يحتمله الأمر أو النهي، فالصلاة واجبة فلا يتغير حكمها بحال، والزنا حرام فلا يتبدل حكمه أبدًا، بخلاف النكاح فإنه يباح في أصله، ويتغير حكمه بناءً على تغير الظروف والأحوال.

٢ - وهذا يدل على ضعف جانب المبيح إذا تعارض مع الأمر أو النهي، وعليه فيقدمان عليه.

٣ - المصالح المترتبة على فعل الأمر وترك النهي أعظم من المصالح المترتبة على فعل المباح؛ وذلك لتعلق الثواب والعقاب بالأمر والنهي بخلاف المباح.

وعلى ذلك فإن الحق ظاهر في تقديم الأمر أو النهي إذا تعارضا مع المبيح.


(١) تأصيل فقه الأولويات، د. محمد همام، (ص ٣٠٤ - ٣٠٥).
(٢) الإحكام، للآمدي، (٤/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>