للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ما قاله الشافعية من استحباب الدَّلك في الوضوء، واستيعاب الرأس بالمسح، وترك صلاة الأداء خلف القضاء وعكسه، وقطع المتيممِ الصلاةَ إذا رأى الماءَ خروجًا من خلاف مَنْ أوجب الجميع. (١)

٣ - ومنها -أيضًا- ما قاله الحنفية في السفيه المحجور عليه إذا أراد عمرة واحدة، فالقياس أن يُمْنَعَ؛ لأنها تطوع فصارت كالحج تطوعًا، غير أن قاعدةَ مراعاةِ الاختلاف تقتضي ألَّا تمُنع استحسانًا؛ لأن بعض العلماء قال بوجوبها، فَيُمَكَّنُ منها احتياطًا، ومراعاةً للخلاف. (٢)

٤ - ما قاله المالكية في أن كلَّ عقدٍ اخْتُلِفَ في فساده، كنكاحِ الشغار، ونكاحِ وليٍّ فقدَ شرطًا، أو نكاحٍ بغير وليٍّ فهو كالصحيح من حيث: التحريم، والإرث، والصداق، وفسخه بطلاق اعتبارًا لرأي المخالف القائل بصحة ذلك العقد. (٣)

فهذه الصور وغيرها راعت مآلَ اطَّرادِ الحكم على وفق الرأي الراجح من إبطال كثير من تصرفات المكلفين، أو تعريض أعمالهم للخدش والخلل، فتفاديًا لذاك المآلِ الممنوعِ أُخِذَتْ بالاعتبار الآراءُ الأخرى المحتملة للصحة والصواب: "وهو أمر يعكس واقعية الشريعة الإسلامية في معالجتها للقضايا وفقَ حقائقها وآثارِها المترتبةِ عليها". (٤)

كما أن لهذه القاعدة تعلُّقًا -أيضًا- بقاعدة تقييد الشخص في استعمال حقِّه:

"وخلاصة هذه القاعدة أن المجتهد ينظر إلى مآلِ استعمالِ الشخص لحقِّه الذي قرَّره الشارع له، فإذا تبين للمجتهد أن الشخص لم يستعمل حقَّه إلَّا للإضرار بغيره، فإنه


(١) الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ١٣٦ - ١٣٧)، والأشباه والنظائر، لابن السبكي، (١/ ١١٤).
(٢) رد المحتار، لابن عابدين، (٩/ ٢١٧)، تعليل الأحكام، د. محمد الشلبي، (ص ٣٥٦).
(٣) الشرح الصغير، للدردير بحاشية الصاوي، (٢/ ٣٨٨).
(٤) مآلات الأفعال، لحسين الذهبي، (١٠٩)، رسالة ماجستير.

<<  <  ج: ص:  >  >>