للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمُه واستقرَّ في الشريعة موضعُه، واتفقت القلوب على علمه وعمله" (١).

وأما قوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣]، فقال الطبري -في تفسيرها-: "ويعني بقوله: {بِالْمَعْرُوفِ} بما يجب لمثلها على مثله؛ إذ كان الله -جل ذكره- قد علم تفاوت أحوال خلقه بالغنى والفقر" (٢).

ولا شك أن تفاوت أحوال الناس يقتضي تحكيم العرف في ذلك، فتلزم الأزواج النفقة على ما جرى به العرف، وعلى قدر اجتهاد الحكام في ذلك.

ومثل هذا يقال في قوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١]، وهذا يتفاوت بحسب حال الزوج يسارًا أو إعسارًا، وبحسب حال أهل ذلك المكان، وغير ذلك.

وفي قوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: ٨٩] إشارة ظاهرة إلى اعتبار العرف؛ فقد أحالت الآية الكريمة في بيان الوسط في الكفارة على العرف -كما صرح بذلك العلماء- فيطعم الوسط عددًا وقدرًا؛ فتكفي في العدد وجبتان؛ لأنه الوسط بين وجبة واحدة وثلاث وجبات، ويطعم الوسط في القدر والنوع؛ مثل الخبز والتمر، والخبز والزيت (٣).

وما يتعلق بحقوق الزوجة على زوجها فمردُّه -أيضًا- إلى العرف، قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩].

ثانيًا: السنة المطهرة:

وهي سنة قولية وتقريرية.

فأما القولية: فمثل قوله - صلى الله عليه وسلم - لهند بنت عتبة وقد شكت بخل زوجها أبي سفيان


(١) أحكام القرآن، لابن العربي، (٢/ ٣٦٢، ٣٦٣).
(٢) تفسير الطبري، (٥/ ٤٤).
(٣) أحكام القرآن، للجصاص، (٤/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>