للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم" (١).

فرجع الناس، فكلمهم عرفاؤهم فرجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه أن الناس قد طيبوا وأذنوا. وهو يدل على مشروعية إنابة البعض عن الكل.

فالعلاقة إذن وكالة صريحة أو ضمنية بينهم وبين الأمة. (٢)

فيقومون نيابة عن الأمة في اختيار الأصلح للإمامة العظمى، قال الماوردي: "فإذا اجتمع أهل الحل والعقد للاختيار تصفَّحوا أحوال الإمام الموجودة فيهم شروطها، فقدموا للبيعة منهم أكثرهم فضلًا، وأكملهم شروطًا، ومن يُسرع الناس إلى طاعته، ولا يتوقفون عن بيعته" (٣) وعلى الإمام أن يشاورهم ويرجع إليهم في أمور المسلمين العامة ولا يستبد برأيه دونهم، قال ابن خويز -رحمه الله- (٤): "واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وفيما أشكل عليهم من أمور الدين، ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح، ووجوه الكُتَّاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها (٥).

كما أن عليهم أن يعلنوا بعزل الإمام إذا وقع منه كفر صراح، قال ابن حجر: "ينعزل (يعني الإمام) بالكفر إجماعًا، فيجب على كل مسلم القيام في ذلك، فمن قوي على ذلك فله الثواب، ومن داهن فعليه الإثم، ومن عجز وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض" (٦).


(١) أخرجه: البخاري، كتاب الأحكام، باب: العرفاء للناس، (٧١٧٦، ٧١٧٧).
(٢) النظريات السياسية، د. محمد ضياء الدين الريس، (ص ٢٢٢)، رئاسة الدولة في الفقه الإسلامي، د. محمد رأفت عثمان، (ص ٢٥٧).
(٣) الأحكام السلطانية، للماوردي، (ص ٧).
(٤) أبو عبد الله، محمد أبو بكر بن أحمد بن عبد الله بن خويز منداد، المالكي، من مصنفاته: كتاب كبير في الخلاف، وكتاب في أصول الفقه، وكتاب في أحكام القرآن، توفي سنة ٣٩٠ هـ. ترتيب المدارك، للقاضي عياض، (٧/ ٧٧)، والديباج المذهب، لابن فرحون، (٢/ ٢٢٩).
(٥) تفسير القرطبي، (٤/ ٢٥٠).
(٦) فتح الباري، لابن حجر، (١٣/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>