للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشرع الله ورسوله من أي مذهب كان، ولا يجب على أحد من المسلمين تقليد شخص بعينه من العلماء في كل ما يقول، ولا يجب على أحد من المسلمين التزام مذهب شخص معين غير الرسول - صلى الله عليه وسلم - في كل ما يوجبه ويخبر به؛ بل كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (١).

وهم يغلبون إطلاق قاعدة "الخروج من الخلاف مستحب"؛ فكل ما وقع للأقليات من مسائل، أو جاء من ديارهم من أقضيات فهو محل شبهة فينبغي أن يحتاط فيها ويفتوا بالأشد، وبالاحتياط.

وقاعدة: "الخروج من الخلاف مستحب" مقيدة بقيود يتعين مراعاتها، منها:

- ألَّا يؤدي الخروج من الخلاف إلى الوقوع في محظور شرعي.

- ألَّا يكون دليل المخالف معلومَ الضعفِ فلا يلتفت عندئذٍ إلى خلافه.

- ألَّا يؤدي الخروج من الخلاف إلى وقوع في خلاف آخر.

- ألَّا يكون العامل بالقاعدة مجتهدًا، فإذا كان مجتهدًا لم يجز له الاحتياط فيها، بل ينبغي عليه أن يُفتي الناس بما ترجح عنده من الأدلة والبراهين (٢).

ومما لا شك فيه أن حاجة الأقليات إلى السعة والتيسير بالغة، فلو أن امرأة مسلمة في ديار غير المسلمين لا عائلَ لها ولا مُعينَ، ثم مات عنها أبوها غير المسلم تاركًا لها ما يكفي سدادًا من عيشها وصلاحًا لحالها، وغناءً من فقرها وحاجتها في ذلك المجتمع غير المسلم الذي لا يقيم للنساء قدرًا، ولا يرعى لهن حرمة -أفلا يتسع الفقه الإسلامي في تلك الديار لأن تُفْتَى بجواز أخذها لإرثها من أبيها؟ وهذا وإن خالف ظاهرَ نصٍّ، ومذاهبَ الأربعة الفقهاء فإنه قد وافق قول معاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان من الصحابة،


(١) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (٢٠/ ٢٠٨ - ٢٠٩).
(٢) العمل بالاحتياط في الفقه الإسلامي، لمنيب محمود شاكر، دار النفائس، الرياض، ط ١، (ص ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>