للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

طرق استنباط أحكام النوازل وضوابطها

هناك ضوابط ينبغي أن يراعيها الناظر في النوازل، ولا يخلَّ بها، وهذه الضوابط منها ما يحتاجه قبل الحكم في النازلة، ومنها ما يحتاجه في الاستنباط أثناء البحث والاجتهاد في حكم النازلة، وسنبدأ بذكر الضوابط التي تراعى قبل الحكم في النازلة، ومنها:

[المطلب الأول: ضوابط قبل الاستنباط لحكم النازلة]

أولًا: تحقق وقوع النازلة:

جاء عن السلف الصالح التحذير من السؤال عما لم يقع وكراهية الكلام فيه؛ وذلك لأنه اشتغال عن الأَولى من معرفة أحكام ما نزل بالناس، ولأنه يدل على فراغ ذهني، ويفتح باب الجدال ويضيع الأوقات، ويشتت الجهود بلا فائدة تُذْكَرُ، فضلًا عن كونه مزلةَ أقدامٍ نتيجة عدم التصور الكامل للأمر؛ إذ لا ريب أنَّ تصور ما وقع أيسر وأضبط من تصور ما لم يقع، ولكنْ هناك فرق بين مسائل يحتمل وقوعها، ومسائل يستحيل حدوثها، أو يندر وقوعها، فالأُولى: لا حرج على المجتهد أن ينظر فيها، ويُوَلِّدُ أحكامها، والثانية: لا يحسن به أن يضيع وقته فيها، فيشغل نفسه عما هو أولى وأهم، وقد استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من علم لا ينفع (١).

وقد تضمنت كتب آداب طالب العلم والعالم، وكتب آداب الفُتيا ونحوها آثارًا عن السلف في ذم هذا النوع من المسائل، فمما جاء عن الصحابة -رضي الله عنهم- في ذلك:


(١) أخرجه: مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، (٢٧٢٢)، من حديث زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل. . . اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع. . ." الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>