للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن رجلًا جاء إلى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فسأله عن شيء فقال له ابن عمر: "لا تسأل عما لم يكن فإني سمعت عمر -رضي الله عنه- يلعن من سأل عما لم يكن" (١).

وكان زيد بن ثابت -رضي الله عنه- إذا سأله رجل عن شيء قال: "آلله! أكان هذا؟ فإن قال: نعم، تكلم فيه، وإلَّا لم يتكلم" (٢).

وعن مسروق قال: "كنت أمشي مع أبي بن كعب -رضي الله عنه- فقال فتى: ما تقول يا عماه في كذا وكذا؟ قال: يا ابن أخي أكان هذا؟ قال: لا، قال: فاعفنا حتى يكون" (٣).

وجاء نحو هذا عن التابعين -رضي الله عنهم-، فعن عبد الملك بن مروان أنه سأل ابن شهاب الزهري -رحمه الله- عن مسألة، فقال له ابن شهاب: أكان هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: لا، قال: فدعه فإنه إذا كان أتى الله له بفرج" (٤).

فعلى المفتي والمجتهد في النوازل عامة، وفيما يتعلق بمسائل الأقليات خاصة أن يتأكد من وقوع النازلة، ولا يفرض مسائل غريبة، أو نادرة الوقوع، وأما إذا كانت المسائل متوقعة الحصول، أو ستحصل قطعًا، كمثل ما جاء في الكتاب والسنة من أمور غيبية لمَّا تحصل بعد لكننا جازمون بوقوعها؛ فإن البحث عنها مشروع، والنظر فيها مطلوب؛ لبيان أحكامها وتفصيل أحوالها؛ ولذا سأل الصحابة -رضي الله عنهم- رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم الذي كَسَنَةٍ


(١) أخرجه: الدارمي، المقدمة، باب: كراهية الفتيا، (١٢٣)، من حديث زيد المنقري. وصححَّ إسنادَه الشيخُ الألبانيُّ في "السلسلة الضعيفة"، (٢/ ٢٨٧).
(٢) أخرجه: أبو خيثمة زهير بن حرب في كتاب "العلم"، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط ٢، ١٤٠٣ هـ / ١٩٨٣ م، (٧٥) -واللفظ له-، وعنه: أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي في "معجم الصحابة"، تحقيق: محمد الأمين بن محمد الجكني، مكتبة دار البيان، الكويت، (٨٥٨)، ومن طريق أبي خيثمة: ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"، (٢٠٦٨). وأخرجه أيضًا: الدارمي، المقدمة، باب: كراهية الفتيا، (١٢٤).
(٣) أخرجه: أبو خيثمة في كتاب "العلم"، (٧٦)، والدارمي، المقدمة، باب: مَن هاب الفتية وكره التنطع والتبدع، (١٥٢) -واللفظ له-، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"، (١٦٠٤).
(٤) أخرجه: ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"، (٢٠٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>