للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم الشرعي.

تاسعًا: أن يذكر البدائل المباحة عند المنع:

وهذا الأدب له أصل من الكتاب والسنة، وعليه شواهد كثيرة.

فمن القرآن الكريم: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا} [البقرة: ١٠٤]، فلما نهاهم عن هذه الكلمة "راعنا" أرشدهم إلى ما يؤدي المعنى المراد مع السلامة من المحذور، فقال: {وَقُولُوا انْظُرْنَا}.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان" (١)، وهذا من أحسن البيان وأبلغه حيث نهاه عن شيء، وأرشده إلى البديل الصحيح، وبيَّن له الحكمة في النهي، فصلوات الله وسلامه على من أوتي جوامع الكلم.

ولا ريب أن هذا الأمر له أهمية كبيرة في عصرنا حيث الانفتاح على معطيات الحضارة عبر وسائل الإعلام وغيرها، وهذه التقنيات فيها الكثير مما يخالف شريعتنا، ولا غرو في ذلك؛ إذ كانت قادمة من مجتمعات لا تراعي قيمًا ولا دينًا ولا أخلاقًا، وقد غزت هذه المستجدات بلاد المسلمين وانبهر بها كثير من الناس ومارسوها، فإذا ما نهاهم الفقيه عنها وبيَّن لهم أدلة المنع منها فلا بدَّ أن يرشدهم إلى البدائل المباحة، والوسائل المتاحة؛ ليوسع عليهم ولا يُوقعهم في حرج أو عنت، وهذا من كمال النصيحة للمسلمين.


(١) أخرجه: مسلم، كتاب القدر، باب: في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله وتفويض المقادير لله، (٢٦٦٤)، وطرفه: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص. . ." الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>