للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن تصور النازلة وفهمها فهمًا صحيحًا قد يتطلب استقراءًا نظريًّا وعمليًّا، وقد يفتقر إلى إجراء استبانة، أو جولة ميدانية، أو مقابلات شخصية، وربما احتاج الأمر إلى معايشة ومعاشرة.

وربما كان سؤال أهل الشأن والاختصاص كافيًا، كمراجعة الأطباء في النوازل الطبية، والاقتصاديين في الأمور الاقتصادية، والسياسيين في الأمور السياسية، وهكذا (١). ومن هنا قال الخطيب البغدادي -رحمه الله-: "إن العلوم كلها أبازير (٢) للفقه، وليس دون الفقه علم إلا وصاحبه يحتاج إلى دون ما يحتاج إليه الفقيه؛ لأن الفقيه يحتاج أن يتعلق بطرف من معرفة كل شيء من أمور الدنيا والآخرة، وإلى معرفة الجد والهزل، والخلاف والضد، والنفع والضر، وأمور الناس الجارية بينهم، والعادات المعروفة منهم، فمن شرط المفتي النظر في جميع ما ذكرناه، ولن يدرك ذلك إلا بملاقاةِ الرجال، والاجتماع مع أهل النحل والمقالات المختلفة، ومُسَاءَلَتِهِمْ وكثرة المذاكرة لهم، وجمع الكتب ودرسها، ودوام مطالعتها" (٣).

ويمكن أن يقال: إن تصور أي نازلة من النوازل لا بدَّ له من خطوات هي:

١ - الاستقصاء والتحري عن الدراسات السابقة وحول النازلة سواء أكانت هذه الدراسات شرعية، أم غير شرعية.

٢ - النظر في جذور النازلة وتاريخ نشأتها، وهي من الأهمية بمكان، مع غفلة كثير عنها.

٣ - البحث عن ظروف النازلة وبيئتها وأحوالها المحيطة بها، وهي الناحية الجغرافية.

٤ - معرفة مدى انتشارها وحاجة الناس إليها وأهميتها.

٥ - معرفة ما يترتب عليها من مصالح ومفاسد، ونحو ذلك.


(١) سبل الاستفادة من النوازل والفتاوي، د. وهبة الزحيلي، (ص ٧ - ٨)، ضوابط الدراسات الفقهية، د. سلمان العودة، (ص ١٣٢ - ١٣٣).
(٢) أبازير: توابل، المعجم الوسيط، (١/ ٨٢).
(٣) الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي، (٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>