للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدول الاستثنائي هو الاستحسان، والدليل الذي اقتضاه هو وجه الاستحسان، أي: سنده، والحكم الثابت به هو الحكم المستحسن، أي: الحكم الثابت على خلاف القياس، والقياس هنا هو الأصل الكلي أو القاعدة العامة" (١).

[ثمرة العمل بالاستحسان]

القائلون بالاستحسان -وهم الجمهور- يرون أن الاستحسان له فوائد وثمار تساعد على تحقيق مقاصد الشارع، ومن هذه الفوائد:

١ - أنه يحول دون تفحش القياس، ويمنع التعسف الذي قد يسببه طرد القياس والقواعد؛ لذلك قال ابن رشد: "الاستحسان الذي يكثر استعماله حتى يكون أعم من القياس هو أن يكون طرد القياس يؤدي إلى غلو في الحكم ومبالغة فيه" (٢).

٢ - أنه يرفع الحرج ويحقق السعة واليسر؛ لذلك قال السرخسي -رحمه الله- (٣): "الاستحسان ترك القياس، والأخذ بما هو أوفق للناس، وقيل: الاستحسان طلب السهولة في الأحكام فيما يُبتلَى فيه الخاص والعام، وقيل: الأخذ بالسعة وابتغاء الدَّعَة، وقيل: الأخذ بالسماحة وابتغاء ما فيه الراحة، وحاصل هذه العبارات أنه ترك العسر لليسر، وهو أصل في الدين" (٤).

٣ - أنه يحقق المصلحة، ويحقق مقاصد الشرع؛ إذ هو يعتمد بقدر كبير على النظر في المآلات والتماس المصلحة، وتحري مقصود الشارع الحكيم، فالاستحسان تحرٍّ للمصلحة


(١) الوجيز في أصول الفقه، د. عبد الكريم زيدان، (ص ٢٣١).
(٢) البيان والتحصيل، لابن رشد، (٤/ ١٥٦).
(٣) أبو بكر، محمد بن أحمد بن أبي سهل، السرخسي، الإمام الكبير، شمس الأئمة، كان إمامًا علامة، حجة، متكلمًا، فقيهًا، أصوليًّا، مناظرًا، له كتاب المبسوط أملاه وهو في السجن، وله شرح السير الكبير، توفي في حدود سنة ٤٩٠ هـ. الجواهر المضية، لمحيي الدين القرشي، (٣/ ٧٨)، والأعلام، للزركلي، (٥/ ٣١٥).
(٤) المبسوط، للسرخسي، (١٠/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>