للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعدل عن هذا الحكم إلى حكم آخر اقتضاه تخصيصها، من العام، أو استثناؤها من الكلي، أو اقتضاه قياس خفي غير متبادر، فهذا العدول هو الاستحسان" (١).

وعليه: فإن "المجتهد إذا عرضت له نازلة يقتضي عموم النص فيها حكمًا، أو يقتضي القياس الظاهر المتبادر حكمًا، أو يقتضي تطبيق الحكم الكلي فيها حكمًا، وظهر للمجتهد أن لهذه النازلة ظروفًا وملابساتٍ خاصةً تجعل تطبيق النص العام أو الحكم الكلي عليها أو اتباع القياس الظاهر منها يُفَوِّتُ المصلحة أو يؤدي إلى مفسدة، فعدل فيها عن هذا الحكم إلى حكم آخر اقتضاه تخصيصها من العام، أو استثناؤها من الكلي، أو اقتضاه قياس خفي غير متبادر -فهذا العدول هو الاستحسان، وهو من طرق الاجتهاد بالرأي يحتاج إليه الناظر المجتهد في تقدير الظروف الخاصة لهذه الواقعة، وترجح دليل على آخر للوصول إلى الحكم المناسب لها، الموافق لمقاصد الشرع وكلياته" (٢).

كالاستحسان بالنص ممثلين له ببيع السَّلَم وبيع العرايا، واستحسان بالإجماع ممثلين له بالاستصناع، واستحسان بالعرف أو العادة ممثلين له بجريان العرف في الأيمان، كمن قال: والله لا أدخل بيتًا فدخل مسجدًا لم يحنث، واستحسان بالضرورة ممثلين له بما يصعب التحرز عنه، مثل: من صار إلى حلقة ذباب لم يفطر، والعفو عن يسير الغبن في المعاملات (٣).


(١) تغير الفتوى بتغير الحال، د. سيد درويش، (ص ٢٧٦).
(٢) منهج استنباط أحكام النوازل، د. مسفر القحطاني، (ص ٤١٥).
(٣) كشف الأسرار، لعبد العزيز البخاري، (٤/ ٦ - ٨)، أصول السرخسي، (٢/ ٢٠٢ - ٢٠٣)، أثر الأدلة المختلف فيها في الفقه الإسلامي، د. مصطفى ديب البغا، دار الإمام البخاري، دمشق، (ص ١٤٠ - ١٥٠)، فتح الغفار بشرح المنار، لزين الدين ابن إبراهيم الشهير بابن نجيم الحنفي، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط ١، ١٣٥٥ هـ - ١٩٦٣ م (٣/ ٣٣ - ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>