للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأغنياء بقرابة الإسلام، على سبيل المواساة، ومعنى العبادة تَبَعٌ فيها، وإنما أثبته الشرع ترغيبًا في أدائها" (١).

وفيما يتعلق بالاجتهاد في وضع علامة جديدة راعى القائلون بهذا تحقيقَ مقاصدِ النومِ والراحة بعد العشاء، وانسجامَ الأمرِ مع مصالح الناس في معاشهم، ورفعَ الحرجِ والعنت عنهم، وإرادةَ التخفيف أو التيسير عليهم.

وعليه: فقد ذهبوا إلى أن الناس اعتادوا في البلاد التي لا يغيب فيها الشفق الأحمر؛ لعدم وصول الشمس تحت الأفق إلى درجة ١٨ - أن يقيسوا حركتها بالتوقف عند الدرجة ١٢، فهو ما يُعْرَفُ بالشفق المدني، وهو الذي يمكن اعتبارُهُ العلامةَ الفلكية التالية بعد غياب الشفق الأحمر، ويكون اعتماده لدخول وقت العشاء حين تُفْقَدُ العلامةُ السابقة أمرًا معتبرًا من الناحية الشرعية.

كما يذهب القائلون بهذا الرأي إلى اعتماده طوالَ السنة في الأوقات التي تُفْقَدُ فيها العلاماتُ وفي غيرها، ولا مانعَ لديهم من تعطيل العمل بالنص؛ منعًا لضرر أكبر، كما جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، رفعًا للحرج عن أمته.

وقد أَوقفَ عمرُ سهمَ المؤلفة قلوبهم لَمَّا عزَّ المسلمون، وعَطَّل حدَّ السرقة عامَ الرمادة، ومَنَعَ قسمةَ الأراضي المفتتحةَ عنوةً بين المقاتلين بالعراق والشام.

وعليه: فقد رأوا أن التحديد بهذه العلامة الجديدة من شأنه أن يُنَظِّمَ أوقات المسلمين على مدار السنة، وهو رافع للحرج عنهم (٢).


= النبلاء، للذهبي، (٢٣/ ٣٤٥)، وطبقات الشافعية الكبرى، (٨/ ٣٦٨).
(١) تخريج الفروع على الأصول، للزنجاني، (ص ١١٠).
(٢) مواقيت الفجر والعشاء في المناطق الفاقدة للعلامة، لفيصل مولوي، (ص ٣٧٦ - ٣٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>