للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كإظهار الشرك في مكة أمام المشركين.

د - ولو سلم استمرار العباس على التعامل بالربا؛ فقد لا يكون عالمًا بالتحريم؛ لإقامته بمكة بعيدًا عن مهبط الوحي بالمدينة.

هـ - أن يكون الربا الذي كان العباس يتعامل به هو ربا الفضل، وليس ربا النسيئة الذي استفاض تحريمه؛ إذ إن ربا الفضل حُرِّمَ بالسُّنة، ولم يكن تحريمه شائعًا بين الصحابة كلِّهم، بل إن ابن عباس -رضي الله عنهما- حبر الأمة والذي كان من ألصق الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرى تحريمه.

و- أن يكون تحريم الربا لم يكن قد استقرَّ يومئذٍ حتى نزل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٢٧٨]، وذلك بعد إسلام ثقيف سنة تِسعٍ من الهجرة، أي: قبيل حجة الوداع، فكان تعامل العباس -رضي الله عنه- قبل إحكام تحريم الربا، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن تحريم الربا كان على سبيل التدرج، وأنَّ آخر آيات تحريمه نزولًا آياتُ سورةِ البقرة، وهي التي نصَّت نصًّا قاطعًا على تحريم كل زيادة على رأس المال، بل وَرَدَ أن هذه الآية آخر آية نزلت من القرآن الكريم، كما خرجه البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- (١) وابن ماجه عن عمر -رضي الله عنه- (٢).

ثم إنه لم يُنْقَلْ قطُّ عن أحدٍ من الصحابة -رضي الله عنهم- التعاملُ بالربا في بلاد الكفار، ولو فَهِمَ أحدٌ منهم ذلك لَنُقِلَ؛ فدلَّ عدمُ النقل على عدم دلالة هذا الحديث على الجواز.

٣ - وأما استدلالهم بمصارعته - صلى الله عليه وسلم - لركانة وبمراهنة أبي بكر -رضي الله عنه- للمشركين على ظهور الروم على فارس، وإقرار النبي -رضي الله عنه- لذلك؛ فعنه أجوبة:


(١) أخرجه: البخاري، كتاب التفسير، باب: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}، حديث، (٤٥٤٤).
(٢) أخرجه: ابن ماجه، كتاب التجارات، باب: التغليظ في الربا، (٢٢٧٦)، والإمام أحمد في "مسنده"، (١/ ٣٦، ٤٩)، وغيرهما. وصححه الشيخ الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه"، (١٨٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>