للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقول الراجحات" (١).

وغالبُ ما ذكره المبيحون من مزايا ومنافع التملك الربوي للبيوت لا يصلح مبررًا للترخص؛ إذ هو من مراتب التحسينات، وهي لا تنزل منزلةَ الضرورات في إباحة المحظورات باتفاقٍ.

- وحول التفريق بين تحقُّقِ الحاجة أو الضرورة على مستوى الفرد، وتحقُّقِهَا على مستوى الجماعة، فقد تتحققُ الحاجة على المستوى الفردي؛ لانعدام البديل المشروع الذي تندفع به هذه الحاجة، ولكن يَعْسُرُ تبني نفس المقولة على مستوى الجماعة إذا كان في مقدورهم السعيُ للخروج من حالة الضرورة، أو الحاجة؛ لكنهم يتقاعسون عن ذلك ويتخاذلون، وحينئذٍ قد يُرَخَّصُ للآحاد لا للمجموع، وقد تقرَّرَ عند أهل العلم أنه قد يُرَخَّصُ في الشيء بالجزئية ويُمْنَعُ منه بالكلية؛ إذ إن الحاجة غير متحقِّقَةٍ في حقِّ المجموع، ففضولُ الأموالِ مكتنزَةٌ، والحريةُ الاقتصاديةُ متاحةٌ، والعقولُ التي تدير ذلك بكفايةٍ متوافرةٌ، فما الذي يَحُولُ بين هذا المجموعِ وبين المبادرةِ إلى إنهاء هذه الحالةِ الرَّدِيَّةِ لإنشاء مؤسسات تديرُ هذا الأمرَ في إطار من الربانية، ومن خلال مرجعية الشريعة؟! فلو اقتصرَ الترخيص على المستوى الفردي إذا تحقَّقَت الحاجةُ لكانَ له حظٌّ من النظر، أمَّا أن يُطْلَقَ القولُ بترخيص ذلك لعمومِ الجاليات؛ فهذا يُضَاعِفُ الخطأ ويسدُّ البابَ أمامَ مَنْ يسعى للإصلاح؛ إذ النفوس بطبعها مائلةٌ إلى الدَّعَةِ والرُّخْصَةِ.

٣ - قاعدة: ما حُرِّمَ سدًّا للذريعة أُبِيحَ للحاجة:

ويجاب عنها بأجوبة، منها:

أ - أنَّ ما حرم للذريعة في مسألة الربا هو ربا الفَضْل، وليس ربا النسيئة، فربا النسيئة هو الربا الجليُّ وهو المقصود أصالةً، ورِبَا الفضل رِبًا خفيٌّ تحريمُهُ، وهو من باب تحريم الوسائلِ وسدِّ


(١) المرجع السابق، (٢/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>