للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأمين حاجات النفس والعيال أمرٌ تعبَّدَ الله به المكلَّف، وفي الحديث "كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول" (١)، ومن الاحتياط للمستقبل أن يدع المرء ورثته أغنياء، وهو خيرٌ من أن يدعهم عالة يتكففون الناس (٢).

والتعاون على التكافل والتأمين ضد المخاطر قيمة إسلامية مرعية، فما آمن حقَّ الإيمان من بات شبعانَ وجاره جائع (٣)، والمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضًا (٤).

إن الراجح حرمة التأمين التجاري بكل أشكاله وأنواعه إلَّا ما وقع الاضطرار إليه، أو مسَّتِ الحاجة الشديدة إليه، ولا سيما في خارج بلاد الإسلام، وللأقليات المسلمة، حتى ترتفعَ حاجتها وتسدَّ خلتها.

وعلى من يسعى لينتقل بفقه الأقليات من حالة الترخيص إلى فقه التأسيس أن يُعنَى بطرح البدائل الشرعية وإقامة التأمين التعاوني على أسس قويمة، وعلى الله تعالى قصد السبيل، وهو الهادي والموفق لكل خير.


(١) أخرجه: أبو داود، كتاب الزكاة، باب: في صلة الرحم، (١٦٩٢)، والإمام أحمد، (٢/ ١٦٠)، من حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- مرفوعًا. وقال الحاكم في المستدرك، (٤/ ٥٠٠): هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(٢) ففي الحديث: "إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. . . " أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب: رثاء النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة، (١٢٩٥)، ومسلم، كتاب الوصية، باب: الوصية بالثلث، (١٦٢٨)، من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- في قصة عيادة النبي - صلى الله عليه وسلم - له في مرضٍ أوشكَ فيه على الموت.
(٣) ففي الحديث: "ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه"؛ أخرجه: البخاري في "الأدب المفرد"، (١١٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى"، (١٠/ ٣) -والزيادة الأخيرة له-، والطبراني في "الكبير"، (١٢/ ١٥٤)، وغيرهم، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-. وصححه الحاكم، (٤/ ١٦٧). ورُوي من حديثَي: أنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنهما-.
(٤) ففي الحديث: "إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا" أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب: تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، (٤٨١)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب: تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، (٢٥٨٥) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>