للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه: اعتبر العلماء الفرقة السامرية من اليهود (١).

وأما الصابئون: فالخلاف في شأنهم بيِّن، وتضاربت النقول والأقوال حولهم؛ فروي عن الإمام أحمد أنهم من جنس النصارى، وفي رواية أخرى عنه أنهم يشبهون اليهود، وحدد صاحب المغني (٢) رأيه في الصابئين بأنهم ليسوا من أهل الكتاب حيث خالفوا اليهود والنصارى في أصل الدين، بل أَدْخَلَ الشهرستاني (٣) الصابئين في عداد المستبدين بالرأي مطلقًا المنكرين للنبوات، ولا يقولون بشرائع وأحكام أمرية، بل يضعون حدودًا عقلية مثل الفلاسفة والبراهمة.

ومما لا يُختلَفُ فيه أن اليهود والنصارى قد خرجوا عن أصل دينهم وشريعتهم؛ حيث حرفوا التوراة والإنجيل، كما نُسخت شريعتهم بشريعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وعليه: هل يعتبر اليهود والنصارى حاليًا أهل الكتاب؟

هناك قولان متقابلان في المسألة:

القول الأول: للشافعية (٤) الذين ذهبوا إلى أن أهل الكتاب إنما هم اليهود والنصارى ومن دخل دينهم قبل التبديل والنسخ، وشرطوا أن يكونوا إسرائيليين، أي: من أبناء يعقوب -عليه السلام- واعتبروا جميع الذين دخلوا في دين موسى حين دعاهم أو الذين دخلوا منهم بعد ذلك في دين عيسى حين دعاهم، كانوا على دين حق دخلوا فيه قبل التبديل، فهم أهل الكتاب، وألحق بأهل الكتاب من تهوَّد أو تنصَّر بعد ذلك وقبل بعثة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث لم يقم النسخ وإن حدث تبديل وتحريف إلا أن ذلك لم يكن


(١) المغني، لابن قدامة، (٩/ ٥٤٦)، مغني المحتاج، للشربيني، (٣/ ١٨٩)، المصباح المنير، للفيومي، (١/ ٢٨٨).
(٢) المغني، لابن قدامة، (٩/ ٥٤٦ - ٥٤٧).
(٣) الملل والنحل، للشهرستاني، (٢/ ٣٠٧).
(٤) تكملة المجموع، للمطيعي، (١٦/ ٢٣٣)، مغني المحتاج، للخطيب الشربيني، (٣/ ١٨٧ - ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>