للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - وقع الإجماع على أنه بمجرد إسلام المرأة فقد حرم الجماع بينهما إذا كان الزوج وثنيًّا ووجب التفريقُ الحسيُّ.

قال الشافعي -رحمه الله تعالى- في كتاب الأم: "الناس لا يختلفون في أنه ليس له أن يطأها في تلك الحال إذا كانت وثنية" (١)، وقال البيهقي في السنن الكبرى: "باب الزوجين الوثنيين يسلم أحدهما فالجماع ممنوع حتى يسلم المتخلف منهما؛ لقول الله -عز وجل-: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠]، وقوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] " (٢).

وقال القرطبي -رحمه الله-: "وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه؛ لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام" (٣).

وإن مما يجدر ذكره هنا -قبل الدخول في سرد مذاهب الفقهاء- رحمهم الله -في أثر إسلام أحد الزوجين، وبقاء الآخر مصرًّا على كفره- أنهم جميعًا -بعد نزول آية الممتحنة- يتفقون على أنه بإسلام أحد الزوجين وبقاء الآخر على الكفر تتوقف الحياة الزوجية بين الزوج الكافر والزوجة المؤمنة، وتتوقف الحياة الزوجية بين الزوج المؤمن والزوجة الوثنية الكافرة، فلا جماع ولا انكشاف ولا إنجاب، ولا أي شيء من المسِّ، ولا أي شيء من دواعي الجماع بينهما، ولا يحقُّ للكافر الوثني أن يعود إلى الحياة الزوجية ما دام على كفره، وإنما يحقُّ أن يعود إلى الحياة الزوجية إذا أسلم فرضِيَ بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا ورسولًا (٤).

قال ابن عبد البر: "لم يختلف العلماء أن الكافرة إذا أسلمت ثم انقضت عدتها أنه لا


(١) الأم، للشافعي، (٦/ ٣٩٦).
(٢) السنن الكبرى، للبيهقي، (٧/ ١٨٥).
(٣) تفسير القرطبي، (٣/ ٧٢).
(٤) بحث: أثر إسلام أحد الزوجين في النكاح، د. محمد عبد القادر أبو فارس، ضمن بحوث المجلة العلمية للمجلس الأوروبي للإفتاء، العدد الثاني، (ص ٣٢٧)، ذو القعدة ١٤٢٣ هـ - يناير ٢٠٠٣ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>