للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتكسرت أصلابهم.

قال: فلما فعل ذلك بهم شخصت أبصارهم وانتفخت أوداجهم، واحترقت لحوم رقابهم وسلخت عروقهم، واشتعل حر الأغلال في رؤوسهم، فغلت منها أدمغتهم، ففاضت على جلودهم حتى وقعت على أقدامهم فتساقطت منها جلودهم واخضرت منها لحومهم، فسال منها صديدهم.

قال: فلما جعلت الأغلال في أعناقهم ملأت ما بين مناكبهم إلى آذانهم، فاحترقت لحومهم وتقطعت شفاههم وبدت أنيابهم وألسنتهم بصوت وصراخ، ووهج لها لهب عال يجرى حرها مجرى الدم في عروقها مجوفة، ويجرى خلالها لهب النار فيبلغ حر تلك الأغلال قلوبهم، فتسلخت حتى بلغت حناجرهم، فاشتد خناقهم وانقطعت أصواتهم وفنيت جلودهم.

قال: فبينا هم كذلك أمر الله تعالى خزنة جهنم أن يكسوهم ثيابًا، قال: فألبسوهم ثيابهم وسرابيلهم شديدًا سوادها، ومنتنًا ريحها وخشنًا مسها تلظى من شدة حرها، لو وضعت على جبال الأرض أذابتها.

قال: ثم يقول الله عز وجل لخزنة جهنم: سوقوهم إلى منازلهم، قال: فيأتون بسلاسل أخر أطول وأغلظ من اللاتي أوثقوا فيها، قال: فيأخذ كل ملك سلسلة من تلك السلاسل فيقرن فيها أمة من الأمم، ثم يضع طرفها على عاتقه فيوليهم ظهره، ثم ينطلق بهم مسحوبين على وجوههم، في دبر كل أمة منهم سبعون ألف ملك، يضربونهم بمقامع حتى يأتوا بهم جهنم فيوقفونهم عليها.

قال: ثم تقول لهم الملائكة: {هذه النار التي كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون * أصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون} [الطور: ١٤ - ١٦].

قال: فلما أوقفوا عليها فتحت لهم أبوابها وكشف عنها غطاؤها، فتسعرت وألهبت نارها، فخرج منها دخان شديد مع شرر كعدد نجوم السماء فطارت إلى السماء مقدار سبعين عامًا، ثم رجع ذلك فوقع على رؤوسهم، فاحترقت أشعارهم وانقلعت جماجمهم.

قال: ثم صرخت جهنم بأعلى صوتها: إلى يا أهل النار إلى يا أهل النار، أما وعزة

<<  <  ج: ص:  >  >>