للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب أمر الله تعالى المسلمين بالذكر في هذه الآية والتي قبلها قوله -عز وجل -: {فاذكروا الله كذكركم آباءكم} [البقرة: ٢٠٠] على ما ذكر المفسرون أن العرب كانوا إذا فرغوا من حجهم وقفوا عند البيت وذكروا مآثر آبائهم ومفاخرهم، وكان الرجل يقول إن أبى كان يقرى الضيف، ويطعم الطعام، وينحر الجزور، ويفك العانى، ويجز النواصى، ويفعل كذا وكذا، ويتفاخرون بذلك، فأمرهم الله -عز وجل -بذكره، فنزل الله -عز وجل -: {فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا} [البقرة: ٢٠٠] إلى قوله تعالى: {واذكروا الله فى أيام معدودات} [البقرة: ٢٠٣].

وقال -جل وعلا -: {فاذكرونى} [البقرة: ١٥٢] فأنا الذي فعلت ذلك بكم وبآبائكم وأحسنت إليكم وإليهم.

وقال السدى -رحمه الله -: كانت العرب إذا قضت مناسكها وأقاموا بمنى يقوم الرجل فيسأل الله -عز وجل-ويقول: اللهم إن أبى كان عظيم الجفنة عظيم القبة كثير المال، فأعطني مثل ذلك، وليس يذكر الله -عز وجل -، إنما يذكر أباه، ويسأل أن يعطى في دنياه، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقال ابن عباس وعطاء والربيع والضحاك معناه: فاذكروا الله تعالى كذكر الصبيان الصغار الآباء، وهو قول الصبي أول ما يفصح ويفقه كلام أبيه وأمه، ثم يلهج بأبيه وأمه.

وعن عمر بن مالك عن أبى الجوزاء قال: قلت لابن عباس -رضي الله عنهما -: أخبرني عن قول الله -عز وجل -: {فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا} البقرة: ٢] وقد يأتي على الرجل يوم لا يذكر فيه أباه، فقال ابن عباس -رضي الله عنهما -: ليس كذلك، ولكن أن تغضب لله -عز وجل -إذا عصى أشد من غضبك لوالديك إذا شتما.

وعن محمد بن أبى حميد عن محمد بن كعب القرظى -رحمه الله - {فاذكروا الله كذكركم آباءكم} أي كذكر آباءكم إياكم {أو أشد ذكرًا} يعنى بل أشد كقوله: {أو يزيدون} [الصافات: ١٤٧] أي بل يزيدون.

قال مقاتل -رحمه الله -: {أو أشد ذكرًا} يعنى أكثر ذكرًا كقوله: {أو أشد قسوة} [البقرة: ٧٤] {أو أشد خشية} [النساء: ٧٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>