للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركوع، فإذا قال: سمع الله لمن حمده وانقطع صوته وأنتم ركوع اتبعتموه فرفعتم رؤوسكم وقلتم ربنا لك الحمد.

وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فتلك بتلك" في كل رفع وخفض، وهذا تمام الصلاة فاعقلوه وأبصروه وأحكموه، واعملوا أن كثيرًا من الناس يوم القيامة ما تكون لهم صلاة لسبق الإمام بالركوع والسجود والرفع والخفض. وقد جاء في الحديث "أنه يأتي على الناس زمان يصلون ولا يصلون" ويوشك أن يكون زماننا هذا، فإن الغالب عليهم مسابقة الإمام وتضييع أركان الصلاة وواجباتها ومسنوناتها وتمامها.

(فصل) ويجب على من رأى من يقصر في صلاته ويسقط أركانها وواجباتها وآدابها أن يعظه ويعلمه وينصحه ليصلح فيما بقى ويستغفر عما مضى، فإن لم يفعل كان شريكه في ذلك وعليه وزره وإثمه. وقد جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ويل للعالم من الجاهل حيث لا يعلمه".

فلولا أن تعليم الجاهل واجب على العالم ولازم له وفرض عليه لما توعده -صلى الله عليه وسلم- بالويل في السكوت عنه، لأن الوعيد لا يستحقه إلا من ترك الواجب والفرض دون النفل.

وجاء في الحديث عن بلال بن سعد أنه قال: الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، وإذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة، وذلك لتركهم ما لزمهم من التغيير والإنكار على من ظهرت الخطيئة منه وسكوتهم عنه، فلما سكتوا تفاقم الأمر والوبال على الجميع، وشارك المحسن المسئ في إساءته إذا لم ينهه وينصحه.

وقد ورد عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: من رأى من يسئ في صلاته فلم ينهه شاركه في وزرها وعارها ويكون موافقًا للشيطان اللعين، لأنه يريد أن يسكت عن الكلام في ذلك، وأن يترك التعاون على البر والتقوى اللذين أوصى الله تعالى بهما في قوله عز وجل: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة ٢] والنصيحة التي هي واجبة عليهم بعضهم لبعض، ويريد أن يضمحل الدين ويذهب الإسلام، ويأثم الحلق كلهم، فلا ينبغي للعاقل أن يطيع الشيطان، قال الله عز وجل: {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة} [الأعراف ٢٧٠]، وقال جل وعلا: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} [فاطر ٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>