للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرد قلبه إليه لتزول وحشته.

وينبغي له أن يعاشر كل أحد من حيث هو لا يكلفه مجاوزة حده وموافقته، بل يتابعه هو فيما عليه ذلك الإنسان ما لم يكن فيه خرق للشرع، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أُمرنا معاشر الأنبياء أن نحدث الناس على قدر عقولهم".

وينبغي له أن يعاشر من دونه بالشفقة عليه، ومن فوقه بالإجلال، ومن هو مثله بالإفضال والإيثار والإحسان.

* * *

[(فصل: في آداب الفقراء عند الأكل)]

من ذلك ألا يأكلوا بالشره ولا على الغفلة، بل يذكروا الله عز وجل بقلوبهم عند الأكل ولا ينسونه.

ومن ذلك ألا يمدوا أيديهم عند الطعام قبل من هو فوقهم.

ومن ذلك ألا يقولوا لغيرهم كل، ولا يضعوا مما بين أيديهم شيئًا بين يدي غيرهم، لا على طريق الخدمة ولا على طريق الانبساط إلا صاحب الطعام، فإنه مسلم له ذلك لأنه نوع خدمة منه، ولا يقولوا لصاحب الطعام كل معنا، وإذا أُقعد موضعًا فلا يختار غيره ويقعد حيث يؤمر، ولا يرفع يده من الطعام ما دام يأكل من معه لئلا يحتشم صاحبه فيحمله على الامتناع.

ولاغ ينبغي أن يرفع الطعام من بين يدي الفقير ما دام يأكل وما دام عينه عليه، ويساعد الأصحاب على الأكل بقدر ما لا يكون مخالفة وإن لم يكن به شهوة.

ولا ينبغي أن يلقم على المائدة أحدًا، وإن عرض عليه الماء لا يرد الساقي ولو بقطرة واحدة، ولو قام صاحب الطعام بالخدمة لا يمنع، ولو أراد صب الماء على يده فلا يمنعه.

وينبغي أن يأكل مع الأغنياء بالتعزز، ومع الفقراء بالإيثار، ومع الإخوان بالانبساط، ولا لخطر الأكل بباله إلا إذا حضر، فحينئذ يأكل ولا يساعد نفسه في اشتهاء شهوة، ولعلها لم تكن مقسومة، فلا ينالها فيبقى محجوبًا بها عن الله تعالى، ويشتغل بها عن

<<  <  ج: ص:  >  >>