للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يورث العلم والفقه، فما كان من علم ظاهر أو باطن ظاهر أو باطن نظر إن كان لله خالصًا صادقًا قلبه الله منه وأثابه عليه، وإن كان غير ذلك رده عليه فلم يسقط له عند ذلك فعل ولا يخفى عليه أمر، فإذا كان كلك فقد أعطى كل خلق حسن وصح عقله وثبت عمله وزاد حلمه، وكان من أولياء الله وأصفياءه الذين بالله ينظرون، وبالله يتكلمون، وبه يأخذون، وبه يعطون، ومع ذلك اتهم نفسه واتهم هواه على نفسه ودينه، واتهم إبليس، فحينئذ اتهم مع ذلك معرفته بنفسه على معرفته بها.

(فصل) ولأهل المجاهدة والمحاسبة وأولى العزم عشر خصال جربوها لأنفسهم، فإذا أقاموها وأحكموها بإذن الله تعالى وصلوا إلى المنازل الشريفة:

أولها: ألا يحلف العبد بالله عز وجل صادقًا ولا كاذبًا، عامدًا ولا ساهيًا، لأنه إذا أحكم ذلك من نفسه وعود لسانه رفعه ذلك أن يترك الحلف ساهيًا وعامدًا، فإذا اعتاد ذلك فتح الله به بابًا من أنواره يعرف منفعة ذلك في قلبه، وزيادة في بدنه، ورفعه في درجته، وقوة في عزمه وفي بصره، والثناء عند الإخوان وكرامة عند الجيران حتى يأتمر به من يعرفه ويهابه من يراه.

والثانية: أن يجتنب الكذب هازلاً وجادًا، لأنه إذا فعل ذلك وأحكمه من نفسه واعتاد لسانه، شرح الله به صدره وصفى به علمه، حتى كان لا يعرف الكذب، وإذا سمعه من غيره عاب ذلك عليه وعيره به في نفسه، وإن دعا له بزوال ذلك كان له ثوابًا.

والثالثة: أن يحذر أن يعد أحدًا شيئًا فيخلفه إياه، وهو يقدر عليه إلا من عذر بين، أو يقطع العدة البتة، فإنه أقوى لأمره وأقصد لطريقه، لأن الحلف من الكذب، فإذا فعل ذلك فتح له باب السخاء، ودرجة الحياء، وأعطى مودة في الصادقين، ورفعه عند الله جل ثناؤه.

والرابعة: يجتنب أن يلعن شيئًا من الخلق، أو يؤذي ذرة فما فوقها، لأنها من أخلاق الأبرار والصادقين، وله عاقبة حسنة في حفظ الله إياه في الدنيا، مع ما يدخر له عنده من الدرجات، ويستنقذه من مصارع الهلكة ويسلمه من الخلق، ويرزقه رحمة العباد والقرب منه عز وجل.

والخامسة: يجتنب أن يدعو على أحد من الخلق وإن ظلمه، فلا يقطعه بلسانه ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>