للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا أن العلماء اختلفوا في مراتب مشروعية التداوي على أقوال نذكرها، ونذكر أدلتهم، ثم نذكر الراجح.

القول الأول (وجوب التداوي): وهو قول بعض الحنابلة (١). وعزاه ابن تيمية لبعض الشافعية (٢).

أدلتهم: استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها:

الدليل الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: «تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللهَ - عز وجل - لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ» (٣).

ووجه الاستدلال: أنّ قوله صلى الله عليه وسلم: «تَدَاوَوْا» أمْرٌ بالتداوي، والأمر يدل على الوجوب (٤).

الدليل الثاني: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَخِي


(١) انظر: المرداوي، أبو الحسن علي بن سليمان، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، مرجع سابق، ج ٢، ص ٤٦٣.
(٢) انظر: ابن تيمية، أحمد عبد الحليم بن تيمية الحراني، مجموع الفتاوى، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي (القاهرة: مكتبة ابن تيمية، الطبعة الثانية، د ت) ج ٢٤، ص ٢٦٩. نقل ابن تيمية هذا القول عن بعض الشافعية، ولم أجد في كتبهم من نص على ذلك إلا ما ذكره البرلسي الملقب بعميرة في حاشيته على المنهاج حيث يقول: «إذا كان به جرح يخاف منه التلف وجب». انظر: البرلسي، شهاب الدين أحمد، حاشية عميرة على المنهاج، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات، (بيروت: دار الفكر، الطبعة الأولى، ١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م) ج ١، ص ٤٠٣. وهذا القول لا يعني القول بالوجوب مطلقاً، ولعل ابن تيمية وقف على قول عند الشافعية لم أتمكن من الوقوف عليه.
(٣) سبق تخريجه، ص (٥٠).
(٤) انظر: الجويني، أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله، التلخيص في أصول الفقه، تحقيق: عبد الله جولم النبالي، وبشير أحمد العمري، (بيروت: دار البشائر الإسلامية، د. ط ١٤١٧ هـ- ١٩٩٦ م) ج ١، ص ٢٦٩.

<<  <   >  >>