للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَشْتَكِي بَطْنَهُ، فَقَالَ: «اسْقِهِ عَسَلًا» ثُمَّ أَتَى الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: «اسْقِهِ عَسَلًا» ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: «اسْقِهِ عَسَلًا» ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: قَدْ فَعَلْتُ؟ فَقَالَ: «صَدَقَ اللهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ، اسْقِهِ عَسَلًا» فَسَقَاهُ فَبَرَأَ (١).

ووجه الاستدلال: أنّه صلى الله عليه وسلم أمره بشرب العسل وهو من التداوي، فدل على أنه مأمور به. والأمر يدل على الوجوب عند الإطلاق.

المناقشة: نوقش هذا الاستدلال بأنه لو سلمنا بهذا القول لَلَحِق من ترك التداوي الذم بتركه، ومن المعلوم أن بعض الصحابة تَرَك التداوي كأبي بكر، وأبي ذر، وأبي الدرداء، ولم ينكر عليهم أحد، ولو كان التداوي واجباً عليهم لم يتركوه، ولأنكر عليهم بقية الصحابة (٢).

القول الثاني (استحباب التداوي): وهو مذهب الشافعية (٣)، وجمهور السلف، وعامة الخلف.

قال النووي: «استحباب الدواء هو مذهب أصحابنا، وجمهور السلف


(١) رواه البخاري، كتاب الطب، باب الدواء بالعسل، رقم: ٥٦٨٤، ومسلم، كتاب السلام، باب التداوي بسقي العسل، رقم: ٢٢١٧.
(٢) انظر: ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله النمري، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي, محمد عبد الكبير البكري (المغرب: وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية، د. ط ١٣٨٧) ج ٥، ص ٢٧٩.
(٣) انظر: النووي، يحيى بن شرف الدين، المجموع شرح المهذب، مرجع سابق ج ٥، ص ٩٦، وانظر: النووي، يحيى بن شرف الدين، روضة الطالبين وعمدة المفتين، (بيروت: المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية ١٤٠٥) ج ٢، ص ٩٦.

<<  <   >  >>