للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرقية.

القول الرابع (التداوي محرم): وهو قول بعض غلاة الصوفية (١).

أدلتهم: استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها:

الدليل الأول: قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد:٢٢].

ووجه الاستدلال: أنه مادام كل شيء بقضاء وقدر فلا حاجة إلى التداوي.

وقالوا إنّ الولاية لا تتم إلا إذا رضي العبد بجميع ما نزل به من البلاء، وأنَّ الله قد علم أيام المرض، وأيام الصحة فلو حرص الخلق على تقليل ذلك أو زيادته لما استطاعوا.

المناقشة: نوقش هذا الاستدلال بأنّ هذا المفهوم للآية غير صحيح ولا يُسلم لهم، وذلك أنّه ليس في الآية إشارة إلى ترك التداوي، وإنما قررت الآية أنّ المصائب سبق أن سطرت في اللوح المحفوظ، كما أنّ النصوص التي حثت على التداوي وأمرت به تَردُّ عليهم وتبطل استدلالهم.

قال الشوكاني: «من وثق بالله وأيقن أن قضاءه عليه ماض لم يقدح في توكله تعاطيه الأسباب اتباعاً لسنته وسنة رسوله، فقد ظاهر صلى الله عليه وسلم بين درعين، ولبس على


(١) انظر: النووي، يحيى بن شرف الدين، شرح صحيح مسلم، مرجع سابق، ج ١٤،ص ١٩١، القرطبي، محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج ١٠، ص ١٣٨.

<<  <   >  >>