للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَذِبٌ، ولا بد فيها أيضاً من الصدقِ، ولذا المنافقون لما قالوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم أكذبهم اللَّه تعالى، كما في قوله جلَّ شأنه: ﴿إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُون (١)[المنافقون].

فكل هذه الأحاديث ليس فيها إطلاق الوعد بدخول الجنة أو النجاة من النار على مجرد القول، وإن ورد شيءٌ مضافٌ إلى مطلق القول فإنه مقيَّدٌ بالنصوص المتضمنة لتلك الشروط، من العلم، والإخلاص، والصدق، واليقين المنافي للشك، وغيرها من الشروط.

فهذه الأحاديث فهم منها أهل العلم الدلالة على فضل التوحيد، وعظيم ثوابه وأثره، وهؤلاء هم أهل الفهم الصحيح، وسيأتي كلام المؤلِّف على هذه الأحاديث وذكر مذاهب الناس فيها (١).

أما المرجئة فاتخذوا من هذه الأحاديث شبهة لهم، وفهموا منها أنهم يكفيهم من دين اللَّه ﷿ أن يقولوا: «لا إله إلا اللَّه» بألسنتهم فقط، ولم ينظروا إلى ما قُيِّدَت به من الإخلاص والصدق واليقين والانقياد الذي يقتضيه لفظ الشهادة؛ كقوله ﷺ: «أُمِرتُ أن أقاتل النَّاسَ حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه، وأني رسول اللَّه» (٢)، وقوله في حديث معاذٍ ﵁: «ما من عبد يشهد: أن لا إله إلا اللَّه وأن محمَّداً عبده ورسوله … »، وقوله


(١) ص ٤٨.
(٢) متفقٌ عليه من حديث ابن عمر ﵄، البخاري رقم (٢٥)، ومسلم رقم (٢٢).

<<  <   >  >>