للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د- التوجيه التعليمي للأطفال عند ابن الجوزي:

تناول ابن الجوزي التوجيه التعليمي عند الأطفال بشيء من التفصيل، بينما أغفله في مرحلة البلوغ والشباب. وقد حدد سن الخامسة من عمر الطفل بداية التعليم المنظم المقصود، فقال: "فأما تدبير العلم فينبغي أن يحُمل الصبي من حين يبلغ خمس سنين على التشاغل بالقرآن والفقه وسماع الحديث" (١). بينما خالفه علماء التربية وعلم النفس المحدثون وحددوا بداية مرحلة التعليم من "سن ٦ - ٩ سنوات" (٢). أما في تاريخنا التعليمي السابق فقد ذكر د. الأهواني مجمل آرائهم فقال: "لم يكن هناك سن معينة يبدأ عندها الطفل في تلقي العلم، وإنما كان الأمر متروكًا لتقدير آباء الصبيان، فإذا وجدوا أن الطفل بدأ في التمييز والإدراك، دفعوا به إلى الكتاب. عن أبي بكر بن العربي قال: "وللقوم في التعليم سيرة بديعة وهو أن الصغير منهم إذا عقل بعثوه إلى المكتب". ونحن نرجح أن هذه السن لم تكن محدودة، بل كانت تشمل مرحلة بين الخامسة والسابعة، تبعًا لاختلاف نضج الصبيان وتقدمهم في الفهم والتمييز" (٣).

ومن هنا نرى أن ابن الجوزي كان يسير على نهج العلماء المسلمين نفسه في تحديد سن الدراسة. كذلك بين ابن الجوزي أن وقت الصغر -دون تحديد السن- أفضل سنوات عمر الإنسان لحفظ العلم، فقال في ذلك: "وللحفظ أوقات من العمر، فأفضلها الصبا (٤) وما يقاربه من


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٢٤٤.
(٢) أ - مرجع سابق، زهران. علم نفس النمو. ص ٢٠٦.
ب - صالح، د. أحمد، زكي. علم النفس التربوي. القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، الطبعة الثالثة عشر، ص ١٣٩.
جـ - مرجع سابق، الغريب، د. رمزية. التعلم. ص ٥١١.
(٣) الأهواني، د. أحمد، فؤاد. التربية في الإسلام. القاهرة، دار المعارف، دون طبعة وتاريخ، ص ٥٩.
(٤) معنى الصبا: "والصبوة: جمع الصبي، والصبية لغة، والمصدر الصبا: يقال رأيته في صباهِ أي في صغره. وقال غيره: رأيتهُ في صبائهِ أي في صغرهِ". مرجع سابق، ابن منظور. لسان العرب. المجلد الرابع عشر، ص ٤٥٠.

<<  <   >  >>