للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعتمدت اعتمادًا كاملًا على الدول الغربية في معطيات الحضارة الحديثة. وأصبحت عاجزةً عن مواكبة هذه التقنية الحديثة بسبب جهل أبنائها وحصر تعليمهم في العلوم الشرعية فقط وتنفيرهم من العلوم الدنيوية الأُخرى.

والعلوم التي انتقدها ابن الجوزي هي: علم النجوم، (علم الفضاء الآن)، الكيمياء، علم الكلام. وقد اعتبر ابن الجوزي علم الفلك من العلوم التي ينبغي تعلمها بالقدر الذي يساعد لمعرفة الأوقات فقط، وقد قال في ذلك: "وما أبله من يقطع عمره في معرفة علم النجوم، وإنما ينبغي أن يعرف عن ذلك اليسير والمنازل لعلم الأوقات" (١).

كذلك انتقد بشدة علم الكيمياء بقوله: "وأبله من هؤلاء من يتشاغل بعلم الكيمياء، فإنه هذيان فارغ. وإذا كان لا يتصور قلب الذهب نحاسًا لم يتصور قلب النحاس ذهبًا. فإنما فاعل هذا مستحل للتدليس على الناس في جمع النقود. هذا إذا صحَّ له مراده" (٢).

أما علم الكلام فقد نهى عن الخوض فيه، لما يترتب عليه من إفساد العقيدة الصحيحة للإنسان وقال فيه: "ما نهى السلف عن الخوض في الكلام إلا لأمر عظيم، وهو أن الإنسان يريد أن ينظر ما لا يقوى عليه بصره، فربما تحير فخرج إلى الحجب، لأنا إذا نظرنا في ذات الخالق حار العقل وبهت الحس، فهو لا يعرف شيئًا لا بداية له، إنه لا يعلم إلا الجسم والجوهر والعرض، فإثبات ما يخرج عن ذاك لا يفهمه" (٣).

ولابد من وقفة متأنية لمناقشة رأي ابن الجوزي في علم النجوم، وعلم الكيمياء، وعلم الكلام. فرأيه في علم النجوم يعتبر إلى حد ما صحيح، لأنه حريص على سلامة عقيدة المسلم، من الجهل والخرافة، لاسيما أنه في التنجيم "يحاول المشتغلون به ربط تحركات الكواكب بما يحدث للإنسان من أحداث سعيدة أو غير سعيدة ومحاولة استشارة النجوم


(١) المرجع السابق، ص ٣١٠.
(٢) المرجع السابق، ص ٣١٠ - ٣١١.
(٣) المرجع السابق، ص ٢٦٦.

<<  <   >  >>