للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - القدرات العقلية الفطرية:

أثبتت الدراسات النفسية أن "الذكاء فطري يولد مع الإنسان، وتتفتح أنماطه وتنضج آثاره كلما تقدمت به السن حتى البلوغ والرشد، حيث يقف ليفسح المجال أمام الخبرة أو التجربة، التي تبقى طيلة الحياة. لتقوم بدورها في كسب المهارات والمعارف" (١). وقد وضح ابن الجوزي أن القدرات العقلية المرتفعة والمنخفضة فطرية في الفرد، فقال إن العقل "غريزة، وكأنه نور يقذف فى القلب يستعد به لإدراك الأشياء" (٢). كذلك بين أن الحمق والغفلة -ممكن- أن تكون فطرية أو مكتسبة فقال: "الحمق فساد في العقل أو الذهن، وما كان موضوعًا في أصل الجوهر فهو غريزة لا ينفعها التأديب، وإنما ينتفع بالرياضة والتأديب من أصلُ جوهره سليمُ، فتدفع الرياضة العوارض المفسدة" (٣). وقال في الغفلة الفطرية: "إذا كانت الغفلة مجبولةً في الطباع، فإنها لا تكاد تقبل التغيير" (٤).

ومن هذين القولين يتبيَّن لنا أن ابن الجوزي يرى أن الحمق وكذلك الغفلة قد يكون فطرةً في الفرد، فلا ينفعه حينئذ التربية والتهذيب، أما من أصل فطرته سليم، واكتسب الحمق من العوامل البيئية المحيطة به، فإنه يسهل علاجه من هذا الداء عن طريق التربية والتعليم والتوجيه المناسب.

٢ - القدرات العقلية المكتسبة:

إذا كانت القدرات العقلية الفطرية هي التي يولد الفرد بها، وتنمو وتزيد حسب البيئة الثقافية، والتعليم المناسب، والتوجيه السديد، فإن تلك القدرات تزداد وتنمو بالتعلم والتجربة، وفي هذا يقول ابن الجوزي: "العقل ينمو بالتعلم والتحصيل والدربة والمران، كالجارحة التي


(١) مرجع سابق، الهاشمي. الفروق الفردية. ص ١١٥.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. الأذكياء. ص ٥.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. أخبار الحمقى والمغفلين. ص ٢٥.
(٤) المرجع السابق، ص ١٦.

<<  <   >  >>