للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه عملية عقلية، وأهمل العمليات العقلية الأُخرى، وربما كان ذلك لعدم تحديد نظرته إلى التعلم على أنه مستقل، فإنه ذكر قدرة الحفظ من حيث هي قدرة من القدرات على حفظ المعلومات وتثبيتها في الذهن.

والآراء التربوية التي ذكرها ابن الجوزي ليست شاملة، بل هي محددة في نقاط معينة. وأنا أقوم بتصنيفها حسب مقتضى الدراسة.

هـ- مراعاة الفروق الفردية في القدرة على الحفظ:

أثبت علم النفس التربوي أنه "توجد فروق فردية في مدى ما يحفظه الأفراد المختلفون، حسب الشروط المختلفة التي تحيط بكل منهم" (١)، وهذا ما أكده ابن الجوزي بقوله: "والناس يتفاوتون في ذلك: فمنهم من يثبت معه المحفوظ مع قلة التكرار. ومنهم من لا يحفظ إلا بعد التكرار الكثير، فينبغي للإنسان أن يعيد بعد الحفظ، ليثبت معه المحفوظ" (٢) وبناء على هذا التفاوت في القدرة على الحفظ، فقد حدد ابن الجوزي بعض الآراء التربوية العامة التي تساعد المتعلم على التعلم الجيد، والتحصيل المثمر. وهذه الآراء صنفت إلى نواح عدة هي:

أ- العوامل المساعدة على التعلم الجيد:

معرفة هذه العوامل، تساعد المتعلم على توفير الوقت والجهد في تعلم صحيح وسريع، وتحصيل مثمر فعَّال، بدلًا من التخبط والتشتت الذهني. وأهم هذه العوامل من خلال آراء ابن الجوزي هي:

١ - تحقيق الصحة العامة للمتعلم، عن طريق الاهتمام بنوعية الغذاء الجيد المتكامل، المحتوي كل ما يحتاجه الجسم البشري، حتى يقوى العقل، وينشط الذهن، ويسهل التحصيل، قال ابن الجوزي: "وإصلاح المزاج من الأصول العظيمة، فإن للمأكولات أثرًا في الحفظ" (٣).

٢ - استغلال الأعمار الزمنية المناسبة للحفظ، حتى تثبت المعلومات في ذهن المتعلم، قال ابن الجوزي: "وللحفظ أوقات من العمر، فأفضلها


(١) المرجع السابق، ص ٤٩٩.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ. ص ٢١.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ١٧٨.

<<  <   >  >>