للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"إن في الجنة بابًا يقالُ له الريان، يدخلُ منه الصائمون يومَ القيامةِ، لا يدخلُ منه أحدُ غيرهُم، يقال: أين الصائمون، فيقومون، لا يدخلُ منه أحدٌ غيرهم، فإذا دخلوا أُغْلقَ، فلم يدخلْ منه أحدٌ" (١).

والصوم يختلف عن العبادات الأُخرى، بأنه كفُّ وامتناع عن الأكل والشرب ومباشرة النساء، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع نية التعبد، طوال الشهر. "وهذا الامتناع والترك، وإن بدا سلبيًّا في مظهره، فهو عمل إيجابي في حقيقته وروحه، إذا هو كفّ النفس عما تشتهيه بنية القربة إلى الله تعالى فهو بهذا عمل نفسي إرادي، له ثقله في ميزان الحق والقبول عند الله" (٢). ولا يقتصر هذا الكف والامتناع عن الحاجات الفطرية للإنسان، بل يتعداه إلى كف الجوارح عن كل ما حرّم الله تعالى. لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الصيامُ جُنةٌ فلا يرفث ولا يجهلْ، وإن امرؤ قاتلَه أو شاتمَه، فليقلْ إني صائم" (٣). وقد قال ابن الجوزي في هذا المعنى: "إن للصوم آدابًا منها: كف النظر واللسان عن الفضول، والإفطار على الحلال وتعجيله، وأن يفطر على تمر" (٤).

ولم يذكر ابن الجوزي -فيما اطلعت عليه من مؤلفاته- الآثار التربوية العظيمة من الصيام، مثل إخلاص العبادة لله، وتقوية الإرادة والصبر، وضبط النفس والحلم، وكظم الغيظ، والإحساس بالفقراء والمساكين والمحرومين، بالإضافة إلى الفوائد الصحية التي تقوِّي الجسم وتقيه من الأمراض.

٤ - الحج

الركن الخامس من أركان الإِسلام، وقد فرض الله تعالى الحج مرة واحدةّ في العمر، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ


(١) المرجع السابق، الجزء الرابع، ص ١١١، كتاب الصوم، باب الريان للصائمين، حديث رقم ١٨٩٦.
(٢) مرجع سابق، القرضاوي. العبادة فى الإسلام. ص ٢٧١.
(٣) مرجع سابق، العسقلاني. فتح الباري بشرح صحيح البخاري. الجزء الرابع، ص ١٠٣، كتاب الصوم، باب فضل الصوم، حديث رقم ١٨٩٤.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. التبصرة. الجزء الثاني، ص ٢٦٣.

<<  <   >  >>