للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى بكاء طفل الطبع لفوات غرضه، فإنك إن رحمت بكاءه لم تقدر على فطامه، ولم يمكنك تأديبه، فيبلغ جاهلًا، فقيرًا" (١).

أما الأخلاق الحسنة، فلا يكتسبها الإنسان، إلا ببذل الجهد في تطويع نفسه لسلوكها، والمجاهدة المستمرة لذلك، قال ابن الجوزي في هذا المعنى: "إن الفضائل لا تنال بالهوينا، وأن يسير التفريط يشين وجه المحاسن" (٢). وقال: "نيل الشرف بالكرم والجود، فإنه يفتقر إلى جهاد النفس في بذل المحبوب، وربما آل إلى الفقر" (٣). وقال: "وكذلك الشجاعة، فإنها لا تحصل إلا بالمخاطرة بالنفس" (٤).

جـ - الأخلاق في نظر ابن الجوزي:

لم يتوسع ابن الجوزي في موضوع الأخلاق الحسنة والسيئة، ولكنه ذكر من الأخلاق السيئة خلق الكذب فقط، ومن الأخلاق الباطنية المذمومة: الحسد، والغضب، والحقد، والكبر والعُجب، وهذه الأخلاقيات الباطنية المذمومة، عرضنا لها في الفصل الأول من الباب الثالث وعدَدناها من الانفعالات لذلك لن نكرر معالجتها في هذا المبحث.

أما الخلق السيئ الذي ذكره ابن الجوزي وهو الكذب فقد عدّه من العوارض التي يدعو إليها الهوى وحب الدنيا، فقال: "هذا من العوارض التي يدعو إليها الهوى، وذلك أن الإنسان لمحبته الرياسة، يؤثر أن يكون مخبِرا مُعلِمًا؛ لعلمه بفضل المخبِر على المخبَر" (٥).

ثانيًا: أساليب علاج بعض الأمراض الخلقية عند ابن الجوزي

اهتم ابن الجوزي بعلاج بعض الأمراض الخلقية التي ذكرها في باب الانفعالات مثل الحسد والحقد والغضب .. وغيرها، وقد عالج


(١) المرجع السابق، ص ٤٣٣.
(٢) المرجع السابق، ص ٤٤٤.
(٣) المرجع السابق، ص ٢٦٩.
(٤) المرجع السابق، ص ٢٦٩.
(٥) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٠٤.

<<  <   >  >>