للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنه كان لي أبوان وأولادُ، فكنت أقفُ بالحليبِ على أبويّ أسقيهما قبل أولادي، فإن كنتُ فعلتُ ذلك لأجلِك فافرجْ عَنا، فانفرجَ ثلثُ الصخرةِ. وقال الآخرُ: اللهم إني استأجرتُ أجيرًا فتسخطَ أجَره، فاتجرتُ به، فجاء يومًا فقال: ألا تخافُ اللهَ وتعطيني أجرتي؟ فقلتُ: انطلقْ إلى تلك البقرِ ورعاتهِا فخذْها، فإن كنتُ فعلتُ ذلك لأجلِك فافرجْ عنا فانفرَج ثلثا الصخرة. فقال الآخر: اللهم إني علقتُ بنت عم لي فلما دنوتُ منها، قالت: اتقِ اللهَ ولا تفضَّ الخاتمَ إلا بحقْهِ، فقمتُ عَنها. فإن كنت فعلت ذلك لأجلك فافرج عنا. فرفعت الصخرة، وخرجوا (١) ". وعلى ذلك فإن الإنسان الصالح التقي يصبر أمام الشدائد وينتظر الفرج من الله، وكذلك المجاهد يستمد قوة الإرادة والشخصية من الله تعالى لأنه يجاهد في سبيله.

وهكذا بيَّن ابن الجوزي أن الإِنسان المسلم، لابد أن يستمد قوته الروحية من إيمانه بالله تعالى، وتطبيق أحكامه، حتى تكون له نورًا وهدى في حياته. وهناك أساليب تربوية أُخرى لتقوية الإرادة وتربيتها لم يذكرها ابن الجوزي فيما درست من كتبه.

أهم الآراء التربوية المستخلصة من هذا الجانب جانب تربية الإرادة هي:

١ - أهمية تدريب الإِنسان على استحضار النية الخيّرة في جميع أقواله وتصرفاته.

٢ - إن استحضار الإِنسان نياته الخيرة في جميع أقواله وأفعاله له دور في بناء الإرادة القوية.

٣ - التنوع في استخدام الأساليب والوسائل الإرادية، حتى تقوى شخصية الإِنسان.

٤ - أهمية تدريب الفرد على ضبط دوافعه الفطرية، وانفعالاته النفسية منذ صغره.


(١) مرجع سابق، النيسابوري. صحيح مسلم. الجزء الرابع، ص ٢٠٩٩، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب قصة أصحاب الغار الثلاثة، والتوسل بصالح الأعمال، حديث رقم ١٠٠ - (٢٧٤٣). وقد وردت بلفظ مختلف عما أورده ابن الجوزي، ولكن هي القصة نفسها والمعنى.

<<  <   >  >>