للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفقهاء فيمن فعل ذلك: هل تصح إمامته؟ وهل إذا ثبت فسقه يجوز لسلطان الوقت أن يخلعه ويستبدل خيرا منه؟ فأفتوا بجواز خلعه، وحكم بخلعه أبو طاهر بن الكرخي قاضي البلد، وبايعوا عمه محمد بن المستظهر ولُقب المقتفي لأمر الله" (١).

"وقد تمكن الخليفة المقتفي من الحكم، وزادت حرمته، وعلت كلمته، وكان ذلك مبدأ صلاح الدولة العباسية، وفي أيامه عادت بغداد والعراق إلى يد الخلفاء ولم يبق له منازع" (٢)، كما كتب "المقتفي عهدًا لنور الدين زنكي وولاه مصر وأمره بالمسير إليها، وكان مشغولًا بحرب الفرنج، وهو لا يفتر عن الجهاد، وكان قد ملك دمشق في صفر من هذا العام -سنة تسع وأربعين- وملك قلاع وحصون عدة بالسيف والأمان من بلاد الروم، وعظمت ممالكه وبَعُد صيته، فبعث إليه المقتفي تقليدًا وأمره بالمسير إلى مصر ولقبه "بالملك العادل" وعظم سلطان المقتفي، واشتدت شوكته، واستظهر على المخالفين، وأجمع على قصد الجهات المخالفة لأمره، ولم يزل أمره في تزايد وعلو إلى أن مات سنة ٥٥٥ هـ" (٣)، ثم بويع لابنه المستنجد بالله "في يوم موت أبيه، وكان موصوفًا بالعدل والرفق، أطلق من المكوس شيئًا كثيرًا بحيث لم يترك بالعراق مكسًا، وكان شديدًا على المفسدين" (٤) وفي عهده زادت الحروب بين المسلمين والفرنج واستطاع نور الدين زنكي إخراجهم من مصر (٥) وغيرها من الدول، "ويقال إن المستنجد توفي مريضًا" (٦)، ثم خلفه ابنه المستضيء الذي بدأ عهده "برفع المكوس وردّ المظالم وإشاعة العدل والكرم، كما أذن للوعاظ بعد أن كانوا منعوا مدة، وفرق مالًا عظيمًا على الهاشميين والعلويين والعلماء والأربطة" (٧). "وفي خلافته انقضت


(١) مرجع سابق، السيوطي. تاريخ الخلفاء. ص ٤٠٢.
(٢) المرجع السابق، ص ٤٠٤ - ٤٠٦.
(٣) المرجع السابق، ص ٤٠٥.
(٤) المرجع السابق، ص ٤٠٨.
(٥) مرجع سابق، ابن كثير. البداية والنهاية. الجزء الثاني عشر، ص ٢٤٩ - ٢٦١.
(٦) المرجع السابق، الجزء الثاني عشر، ص ٢٦٢.
(٧) مرجع سابق، ابن الجوزي. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم. الجزء العاشر، ص ٢٣٣.

<<  <   >  >>