للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوعظية" (١)، أعطاه القدرة على التأثير في قلوب سامعيه، هذا التأثير -الذي أعتقِده- تأثيرًا وقتيًا لا يلبث أن يزول بانتهاء مجالسه، وهذا الاعتقاد جاء نتيجة المبالغة في ذكر عدد المتأثرين به دون أن يكون له أثر مباشر في إصلاح المجتمع العباسي مما فيه من الفساد والفوضى والفتن، ويبدو أنه لم يقدم مشروعات إصلاحية.

أما في الحديث، فقد اعتُبر من الحفاظ، وقال عن نفسه مادحًا "ولا يكاد يذكر لي حديث إلا ويمكنني أن أقول إنه صحيح أو حسن أو محال" (٢) -يقصد بالمحال الضعيف- وله مؤلفات كثيرة في هذا المجال، "بلغت (٤٢) كتابًا" (٣)، منها على سبيل المثال: كتاب الموضوعات في ثلاثة أجزاء، وكتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية وهو "مجلدان"، إلا أنه يستدل أحيانًا ببعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وقد ذكر الإمام السيوطي نقلًا من "خط السيد أحمد بن أبي المجد قال: صنف ابن الجوزي كتاب الموضوعات فأصاب في ذكره أحاديث شنيعة مخالفة للنقل والعقل، وما لم يصب فيه، إطلاقه الوضع على أحاديث بكلام بعض الناس في أحد رواتها كقوله فلان ضعيف أو ليس بالقوي أو لين، وليس ذلك الحديث مما يشهد القلب ببطلانه، ولا فيه مخالفة ولا معارضة لكتاب ولا سنة ولا إجماع، ولا حجة بأنه موضوع سوى كلام ذلك الرجل في رواية، وهذا عدوان ومجازفة، وقال شيخ الإسلام: غالب ما في كتاب ابن الجوزي موضوع" (٤). (المقصود كتاب الموضوعات).


(١) ابن الجوزي، أبو الفرج، عبد الرحمن بن علي بن محمد. مشيخة ابن الجوزي (تحقيق) محفوظ، محمد، أثينا، بيروت، دار الغرب الإِسلامي، الطبعة الثانية، ١٤٠٠ هـ- ١٩٨٠ م، ص ٢٠.
(٢) مرجع سابق، الحنبلي. شذرات الذهب فى أخبار من ذهب. الجزء الثالث، ص ٣٢٩ - ٣٣٠.
(٣) مرجع سابق، العلوجي، عبد الحميد. مؤلفات ابن الجوزي. ص ٢٢٣ - ٢٢٤ - ٢٢٥.
(٤) السيوطي، جلال الدين، عبد الرحمن بن أبي بكر. تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (حققه وراجع أصوله) عبد اللطيف، عبد الوهاب، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الثالثة، ١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م، الجزء الأول، ص ٢٧٨ - ٢٧٩.

<<  <   >  >>