للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسماء: وكنت أحمل النوى على رأسى من المدينة، فلقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوما، والنوى على رأسى، ومعه صلّى الله عليه وسلم نفر من أصحابه، فدعانى، ثم قال: «أخ أخ»، ليحملنى، فاستحييت من الرجال، وذكرت الزبير وغيرته، وكان الزبير أغير الناس، فعرف صلّى الله عليه وسلم أنّى استحييته، فتركنى ومضى، وذكرت ذلك للزبير، فقال: أعلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أغار؟ والله لحملك النوى أشدّ علىّ من ركوبك خلفه، ثم أنفذ لى أبو بكر بعد ذلك خادما، فكفانى مئونة سياسة الفرس، وكأنّما أعتقنى.

قال قتادة: كنت مع الزبير يوم الجمل، فجاءه فارس فسلّم عليه، وقال: أيّها الأمير، وكانوا لا يسلّمون عليه إلاّ بالإمرة، إنّ القوم قد أتوا موضع كذا، فنظرت إليهم، فلم أر قوما أرثّ سلاحا، ولا أقلّ عددا، ولا أرعب قلوبا منهم، ثم جاءه فارس آخر، فقال: أيّها الأمير، إنّ القوم قد وصلوا مكان كذا، فسمعوا بما جمع الله سبحانه لك (١) من العدّة والعدد، فقذف الله فى قلوبهم الرعب، فولّوا مدبرين، فقال الزبير: إيها عنك، فو الله لو لم يجد ابن أبى طالب إلاّ العرفج (٢) لدبّ إلينا فيه، ثم جاء آخر، وقد كادت الخيل تخرج من الرهج، فقال:

أيّها الأمير، هؤلاء القوم والله قد أتوك وفيهم عمّار بن ياسر، فقال الزبير: والله؟ ما جعله الله فيهم! فقيل: بلى، قد جعله الله فيهم، (٢٧٠) فبعث الزبير رجلا من ثقاته ينظر إن كان عمّار فيهم، فأتاه فقال: قد صدقك من أخبرك، فقال الزبير: